جعل من لا عضد له بلا يدٍ, وإذا لم تكن له يد فليس يقدر أن يقبض على سيفٍ ماضٍ, ولا حظ له في حمل الرماح. وقد دخل في هذا سيف الدولة وغيره.
دعته بمفزع الأعضاء منها ... ليوم الحرب بكرٍ أو عوان
دعته: يعني الدولة, وجعل العضد مفزع الأعضاء الذي تستعين به على ما تروم من طعنٍ أو ضربٍ أو رميٍ. يقول: دعته بمفزع الأعضاء منها؛ أي من الدولة؛ ليوم الحرب التي لم يقاتل فيها بعد والتي قد شبت مرةً بعد مرة.
وقوله:
أروض الناس من تربٍ وخوفٍ ... وأرض أبي شجاعٍ من أمان
جمع أرضاً على أروضٍ, وذلك نادر في المسموع, وهو القياس فيما كان على فعلٍ, مثل: سرجٍ وسروجٍ, وشرجٍ وشروج. والذي جاء على ذلك أكثر من أن يحصى؛ إلا أن أروضاً شاذ.
وقوله:
تذم على اللصوص لكل تجرٍ ... وتضمن للصوارم كل جان
يقول: أرض أبي شجاع من أمانٍ فهي تذم لأموال التجار وتضمن للصوارم الجناة. وقال تذم على اللصوص كم يقال: قد أجار علي فلان, أي أجار مني, ومن في هذا الموضع أشبه من على, وكلاهما يرجع إلى معنى واحد.
وقوله:
إذا طلبت ودائعهم ثقاتٍ ... دفعن إلى المحاني والرعان
(٢٣٧/ب) الهاء والميم في ودائعهم عائدة إلى التجر. يقول: إذا طلب أصحاب الودائع ثقاتٍ؛ استعار الطلب للودائع لأن المعنى مفهوم. والمحاني: جمع محنيةٍ وهي منعطف الوادي. والرعان: جمع رعنٍ وهو أنف يتقدم من الجبل. يقول: التجر يطرحون أمتعتهم في محاني الأودية ورؤوس الجبال لأنهم لا يخشون عليها لصاً, وهي ثقات تؤدي إليهم ما استودعوه. وهذا معنى غريب يجوز أن يكون لم يسبق إليه.
وقوله:
فباتت فوقهن بلا صحابٍ ... تصيح بمن يمر: أما تراني