ادعى للمحاني والرعان أنها تصيح بالمار: أما تراني, فتأخذ لك مما عندي شيئاً, فلا يجترئ أحد على أخذ ما فيهن.
وقوله:
رقاه كل أبيض مشرفي ... لكل أصم صل أفعوان
الرقى: جمع رقيةٍ. يقول: إنه قد أقام السيوف مقام رقى يرقي بهن الأعداء. والناس يقولون: فلان يرقي الحيات؛ يزعمون أنه يتكلم عندها بشيء فتخرج.
وفي الناس من يدعى له أنه يرقي اللديغ فينجو من اللدغة بأمر الله سبحانه.
ويقال: حية أصم إذا كان لا يجيب الرقاة؛ فشبه أهل العصيان بالصم من الحيات.
والصل: الذكر منها, وكذلك الأفعوان.
وقوله:
وما يرقي نداه من لهاه ... ولا المال الكريم من الهوان
يقول: هذا الملك يرقي بالسيوف من عصاه فيبلغ ما يريد منه. وهو لا يرقي نداه - أي جوده - من لهاه؛ أي من عطاياه. جعل نداه كأنه عاصٍ لأن عطاياه تهلك المال.
وقوله:
حمى أطراف فارس شمري ... يحض على التباقي في التفاني
يقال: رجل شمري وشمري إذا كان مشمراً في الأمور, نهاضاً فيها؛ وإنما هو مأخوذ من شمر الرجل ثوبه إذا رفعه, أو شمر كمه ليضرب بسيفٍ أو نحوه. ويحض أي يحث, ويجب أن يكون يحض على التباقي بالتفاني بالباء؛ أي إنه يحض على ترك الناس القتل بالقتل, وفي الكتاب العزيز: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} , وهذا اللفظ مشير إلى اللفظ الأول. ومن الكلام القديم: «القتل أنفى للقتل». وإن رويت: في التفاني فله معنى يؤدي إلى المعنى الآخر, ويحتمل أن يريد أنه يحض على التباقي في الدار التي فيها التفاني؛ إما من تفاني الناس بالقتل, وإما من تفانيهم بالموت.
وقوله: