وقوله:
إذا نكبت كنائنه استبنا ... بأنصلها لأنصلها ندوبا
الكنائن: جمع كنانة, وهي التي تكن بها السهام؛ أي: تستر. ومن أمثالهم: «قيل الرماء تملأ الكنائن»؛ أي: قبل كون الأمر يستعد له. ويقال: نكبت الكنانة إذا فرغت ما فيها من السهام, وكذلك نكبت ما في الوعاء من زاد ونحوه.
والندوب: جمع ندبٍ, وهو الأثر.
وفي هذا البيت إفراط وادعاء لما لا يجوز أن يكون, كأنه يرمي السهم ثم يتبعه بالآخر فيصيب فوق السهم الذي قبله, وينحدر السهم الثاني حتى يبلغ إلى نصل السهم الأول فيؤثر فيه, والشعراء تستحسن هذه المبالغة, وهي مستحيلة.
وقوله:
يريك النزع بين القوس منه ... وبين رمية الهدف اللهيبا
الهدف: ما ينصبه الرماة ليتعمدوه إذا كانوا متعلمين للرمي أو متناضلين, لينظروا أيهم أكثر إصابةً, وإنما يجعلون في الهدف شيئًا يقصدونه بالرمي؛ لأن الهدف يكون مشرفًا مرتفعًا.
ويقال لما أشرف من الرمل: هدف. ومن ذلك: أخذ هدف الرمي, وقالوا للرجل العظيم الشخص مع فخامةٍ وقلة مضاءٍ: هدف؛ كأنهم شبهوه بهدف الرمل. قال أبو ذؤيب:
إذا الهدف المعزاب صوب رأسه ... وأعجبه ضفو من الثلة الخطل
وقوله:
فآجر الإله على عليلٍ ... بعثت إلى المسيح به طبيبا
يقال: أجره الله وآجره؛ أي: أثابه. والمسيح يقال: إنه سمي بذلك؛ لأنه ولد ممسوحًا بالدهن, وقيل: لأنه كان إذا مسح عليلًا برأ, فهو على هذا فعيل في معنى فاعلٍ, وقيل سمي مسيحًا؛ لأنه كان يمسح الأرض؛ أي: يسيح فيها, وقيل: سمي بذلك؛ لأن الناس كانوا