لقيت المرورى والشناخيب دونه ... وجبت هجيراً يترك الماء صاديا
المرورى: جمع مروراةٍ وهي الأرض التي لا شيء فيها. جمعها الجمع الذي بينه وبين واحده الهاء؛ كما قالوا: فلاً وفلاة, وحصى وحصاة, ولو جمعت جمع السلامة لقيل: مروريات, ولو جمعت جمع التكسير لقيل: مرارٍ بالرفع والخفض, وجبت مرارياً في النصب. ووزن مروراةٍ: فعلعلة, وظاهر أمرها أن يكون اشتقاقها من المرو وهي حجارة صغار تقدح منها النار. والشناخيب: جمع شنخوبٍ وشنخابٍ, وهو أعلى الجبل. والهجيز:(٢٤٥/ب) جمع هاجرة وهي الحر الشديد؛ وإنما يستعمل ذلك في نصف النهار وما قاربه. يقال: هجر القوم إذا ساروا في الهجير, وهجر النهار إذا جاء بالهاجرة. قال امرؤ القيس:[الطويل]
ولميبق بالخلصاء مما عنت به ... من البقل إلا يبسها وهجيرها
فيقال: إن الهجير ضرب من الحمض, ويجوز أن يعنى بالهجير: الهاجرة, ويحتمل أن يكون اشتقاق الهاجرة من قولهم: هجرت البعير إذا شددت حبلاً في حقوه إلى وظيفيه؛ أي هذه الهاجرة كأنها تقيد الإنسان وغيره من شدة الحر, فلا يقدر على التصرف. ولا يمتنع أن يكون قوله: الهاجرة؛ أي الوقت الذي يهجر الإنسان فيه عادته؛ لأنه يطلب الظلال والقائلة, وكذلك أصناف الحيوان, فكأنها تهجر ما كانت تعتاد.
وقوله: يترك الماء صادياً مبالغة مفرطة لأنه زعم أن الماء يتركه الهجير صادياً, وقد جرت عادته أن يشفي من صدي من صداه. وقد وصفت العرب ضنهم بالماء إذا قل, وأنه لا يسمح به إلا الكريم كما فعل كعب بن مامة. وقد زعم الفزدق أنه من على رفيقٍ له بحظه