للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسه, فهذا كما يقول في المثل الحجاج بن يوسف: إن الحجاج لا يترك أهل العراق وما يريدون, وهو يريد أني أنا الذي أمنعهم.

وقوله:

يريد بك الحساد ما الله دافع ... وسمر العوالي والحديد المذرب

ذربت الحديد فهو مذروب, وذربته فهو مذرب؛ إذا حددته وأرهفته, ويقال: لإلان ذرب اللسان؛ أي: حاده, ومنه قيل للداهية: ذربيًا؛ لحدتها. قال الشاعر: [الطويل]

رمتني بالآفات من كل جانبٍ ... وبالذربيا مرد فهرٍ وشيبها

وقوله:

ودون الذي يبغون ما لو تخلصوا ... إلى الشيب منه عشت والطفل أشيب

كأنه يومئ إلى أن الأعداء يريدون قتله, ودون الذي يبغون أهوال عظيمة, لا يتخلصون إلى الشيب منها؛ لأنك يا كافور تقتلهم قتلًا وحيا, ولا تمهلهم إلى أن يشيبوا, ولو تخلصوا إلى زمان الشيب لعشت أيها الممدوح والطفل أشيب؛ أي: أنهم لا يصلون لك إلى كيد, ويجوز أن يعني بشيب الطفل أنه يشيب من الخوف, ويحتمل أن يعني طول عمر كافور, وأنهم لو سلموا حتى يشيبوا لعاش الممدوح إلى أن يشيب الطفل بعلو السن.

وقوله:

وأنت الذي ربيت ذا الملك مرضعًا ... وليس له أم سواك ولا أب

في هذا البيت حمل على المعنى, ولو أنه في كلام منثورٍ لوجب أن يقال: وأنت الذي ربى ذا الملك. والذي في البيت لا عائد عليه إلا في المعنى, ومثل ذلك قوله في موضع آخر:

[البسيط]

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم

<<  <   >  >>