فإني رأيت البحر يعثر بالفتى ... وهذا الذي يأتي الفتى متعمدًا
في هذا البيت ضرب من العكس؛ لأنه الأشبه أن يقال: عثر الفتى بالبحر؛ لأن العثار للقدم وغيرها من قوائم الدواب, وهو منوط بالمشي, إلا أنه استعار العثار للبحر؛ لأن الفتى ربما ركب فيه فجعله كالذي يعثر به. وفي يأتي ضمير يعود على البحر الذي يعنى به سيف الدولة, فإن جعل العثار للفتى دون البحر كان في يأتي هاء مضمرة ترجع على سيف الدولة؛ كأنه قال وهذا الذي يأتيه الفتى متعمدًا. وإن جعل العثار للبحر ففي يأتي ضمير مرفوع وهو راجع إلى سيف الدولة أيضًا.
وقوله:
ذكي تظنيه طليعة عينه ... يرى قلبه في يومه ما ترى غدا
تظنيه: تظننه, وهم يبدلون من لام تفعل ياءً إذا اجتمعت فيها حروف من جنس واحد, وكذلك من لام فعلت, فيقولون تظنيت في تظننت, وتقضى البازي في معنى تقضض إذا انقض. وقصيت أظفاري؛ أي: قصصت, وهذا شعر يروى لبعض العرب ويجوز أن يكون لامرأة:[مجزوء الرجز]
إن لنا لكنه ... سمعنة نظرنه
كالريح حول القنه ... إلا تره تظنه
أراد تتظنن, فحذف إحدى التاءين, وأبدل من النون الآخرة ألفًا, ثم حذفها للجزم.