وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت ... فقد رابني منها الغداة سفورها
والحداد: ما لبس من السواد للحزن, وهو من قولهم: أحدت المرأة وحدت؛ إذا تركت الخضاب والزينة بعد وفاة زوجها.
وقوله:
أفكر في معاقرتي المنايا ... وقودي الخيل مشرفة الهوادي
إذا وقف الواقف على معاقرة بالهاء وجعل القود مضافًا إلى الخيل فالمعنى صحيح. وأحسن من ذلك أن تكون المعاقرة مضافةٍ إلى الياء, وكذلك القود, وتكون المنايا والخيل في موضع نصبٍ؛ لأن أبا الطيب كان يؤثر أن يصف نفسه كثيرًا, وإضافة هاتين الكلمتين إلى نفسه أبلغ من ترك الإضافة؛ لأنه إذا لم يضف جاز أن يكون فكره في معاقرة الناس, وقود الخيل التي يقودها غيره, والمعاقرة لزوم الشيء, يقال: عاقر الخمر؛ إذا أدمن شربها, ومنه قول الوليد ين يزيد:
إنهم قد عاقروا اليو ... م عقارًا مقديه
وقيل: إنما سميت العقار عقارًا لمعاقرتها الدن؛ أي: لزومها إياه.
والهوادي: الأعناق وكل ما تقدم شيئًا فهو له هادٍ, ومن ذلك قيل لمتقدمات الوحش هاديات. وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر معناه «أن ضباعة ذبحت شاةً, فبعث إليها النبي صلى الله عليه وسلم أن أرسلي إلي بشيءٍ منها؛ فقالت لم يبق عندي إلا الرقبة, وأنا أكره أن أوجه بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأرسل إليها أن ابعثي بها؛ فإنها هادية الشادة وأبعد الشاة من الأذى».