ولم تجئ الهادية بالهاء في معنى العنق إلا في هذا الحديث, ونصب مشرفةً على الحال, وهي نكرة, لأن اسم الفاعل إذا كان في معنى الحال أو الاستقبال لم يتعرف بالإضافة إلى المعرفة, فكأنه قال: مشرفةً هواديها.
وقوله:
زعيمًا للقنا الخطي عزمي ... بسفك دم الحواضر والبوادي
الزعيم: الكفيل. ويقال لرئيس القوم زعيمهم؛ لأنه يكفل أمورهم. وزعم الرجل إذا كفل, وقال الجعدي, ويروى لأمية. [المنسرح]
نودي قيل اركبن بأهلك إن ... ن الله موفٍ للناس ما زعما
فهذا في معنى الكفالة, وهو الأصل في هذا اللفظ, وقال آخر في صفة فرسٍ:
تصب لها نطاف القوم سرا ... ويشهد خالها أمر الزعيم
خالها: أي الذي يحسن القيام عليها, أي: الرئيس, وهو (٤٧/أ) راجع إلى معنى الكفالة. والحواضر: جمع حاضرةٍ, وأصل ذلك أنهم كانوا يقولون لمن نزل على الماء قد حضر, ويقولون: كان فلان في الحاضر إذا كان في القوم النزول على الماء. قال الشاعر:
يا حاضري الماء لا معروف عندكم ... لكن أذاكم إلينا حاضر باد
ثم قالوا لأهل المدن حاضرة وحواضر؛ لأنهم لا يكونن إلا على ماءٍ إما جارٍ وإما غير جارٍ. والبادية: ربما أقاموا أيامًا لا يردون الماء. وإنما قيل: بادٍ وبادية؛ لأنهم يبدون للنظر. والذين يحضرون على الماء إن كانوا أهل مدنٍ فإنهم يستترون بالجدر, وإن كانوا في غير الأمصار جاز أن يتخذوا خيامًا من الشجر فيتظللوا بها.
وقوله:
متى لحظت بياض الشيب عيني ... فقد وجدته منها في السواد