وصرف الثاني على معنى الضرورة؛ لأنه لو لم يصرفه لصار في البيت زحاف يسمى القبض, وكان أبو الطيب يجتنبه, وقد استعمله الطائيان, كقول حبيب بن أوس: [الطويل]
كساك من الأنوار أبيض ناصع ... وأحمر ساطع وأصفر فاقع
وكقول الوليد بن عبيد: [الطويل]
تبعت الرجال أطلب المال عندهم ... فكيف يكون المال مطلبًا عندي
وقوله:
وعندي قباطي الهمام وماله ... وعندهم مما ظفرت به الجحد
القباطي: جمع قبطية, وقالوا: قبطية, بكسر القاف, وهي ثياب بيض, كأنها كانت تأتيهم من بلاد القبط, وهي مصر وما حولها, فنسبوها إليهم, وغيروا في النسب؛ كما قالوا: بصري في بصري, ودهري في الرجل الذي تقادم عليه الدهر؛ قال زهير: [البسيط]
ليأتينك مني منطق قذع ... باقٍ كما دنس القبطية الودك
وقوله:
يرومون شأوي في الكلام وإنما ... يحاكي الفتى فيما خلا المنطق القرد
يريد أنهم يرومون مجاراته في الكلام, وأن يكون شأوهم مثل شأوه؛ أي: سبقهم مثل سبقه, والشأو: السبق, ثم سمي الطلق شأوًا يريد أنهم مثل القرود, والقرد يتشبه بابن آدم في أفعاله, ولا يقدر على أن ينطق كما ينطق الرجل, فهؤلاء إن تشبهوةا بي في بعض الشيم فلن يستطيعوا على الإتيان بمثل ما أقول.