للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من عامر بن صعصعة, وأنشدوا بيتًا: [الطويل]

لعمرك ما الأكراد أولاد فارسٍ ... ولكنه كرد بن عمرو بن عامر

أي: إن هذا الرجل أفصح الناس, وهو في بلد الأكراد يجرون فيه مجرى الأعراب فيسكنون في البدو, فذلك أعجب لما رزقه من الفصاحة.

وقوله:

وأحق الغيوث نفسًا بحمدٍ ... في زمانٍ كل النفوس جراده

عطف أحق على قوله: أفصح الناس, كأنه قال: وخلق الله أحق الغيوث نفسًا بحمدٍ في زمانٍ أهله كلهم جرادٍ, أي: إنهم من عادتهم أن يضروا النبات ويرعوه ولا منفعة فيهم؛ أي: هذا الممدوح أحق الغيوث بالحمد.

وقوله:

مثل ما أحدث النبوة في العا ... لم والبعث حين شاع فساده

هذا البيت مفسر لما قبله؛ لأن الله - سبحانه - لما كثر الجراد؛ أي: الناس, خلق أحق الغيوث أن يحمد, كما أنه أحدث النبوة لما قلت الديانة وفسد العالم. والبعث من قولهم: بعث الله النبي, وحسن أن يعطف البعث على النبوة لأنه ليس كل نبي مبعوثًا, وكل من بعثه الله نبي فلا يحسن على هذا أن يقال: كل نبي مبعوث, ولكن كل مبعوث نبي. والمبعوث الذي يرسل إلى أمةٍ من الأمم, ولا يحسن أن يكون البعث هاهنا من بعث القيامة الذي هو إحياء للموتى, على أنه قد جاء في الحديث: «أن القيامة تقوم على شر الناس». وإن ذهب إلى ذلك ذاهب فهو غير ممتنع, كأن المعنى يكون مثل ما قدر إحداث النبوة وإحياء

<<  <   >  >>