وقوله:
وغيرها التراسل والتشاكي ... وأعجبها التلبب والمغار
يقول: طمعت هذه القبيلة فغيرها عما يعهد أن بعضها راسل بعضًا, واشتكى إليه ما يلقاه من الذل, فحثها ذلك على المخالفة. والتلبب: التحزم لشهود الحرب, قال الشاعر:
إني أحاذر أن تقول ظعينتي ... هذا غبار ساطع فتلبب
وقيل: المتلبب: الذي يلبس اللبابة, وهي شبيهة بالصدرة. والمغار: مصدر أغار.
وقوله: (٧٢/ب)
وكنت السيف قائمة إليها ... وفي الأعداء حدك والغرار
فأمست بالبدية شفرتاه ... وأمسى خلف قائمه الحيار
يقول: كنت السيف تقاتل عن هؤلاء القوم لما كانوا في طاعتك, ومن شأن من معه سيف أن يكون قائمه إليه وفي كفه, وهو نحو من قول الأول:
نقاسمهم أسيافنا شر قسمة ... ففينا غواشيها وفيهم صدورها
وإذا قيل: إن الغرار الحد, حمل على أنه كرر المعنيين لاختلاف اللفظ, وقيل: الغرار ما بين حد السيف وعيره, فإذا أخذ بهذا القول فقد سلم من التكرير. يقال: وضع الشيء على غرار واحدٍ؛ أي: على طريقةٍ معلومة. يقول: لما خالف هؤلاء القوم زالت هيئة السيف عما كانت عليه, وإنما يزيد بالسيف الممدوح. فأمست بالبدية شفرتاه, كأن هذه العرب كانت نازلةً بالبدية. وأمسى خلف قائمه الحيار: كأنه جعل سيف الدولة في هذا الموضع الذي خلفه الحيار.
وقوله:
وكان بنو كلابٍ حيث كعب ... فخافوا أن يصيروا حيث صاروا