والخبر: الذي يكون بعد ابتلاء وتكشيف, فالخبر يجوز عليه الصدق والكذب. والخبر قد استقر إما على حمدٍ, وإما على ذم؛ لأن الخابر قد عرف ما المخبور عليه, وذكر ابن السكيت أن الخبر والخبر بمعنى مثل السكر (٧٩/ب) والسكر, ويجب أن يكون أراد به الخبر, الذي هو بعد التجربة؛ لأن الخبر من الأخبار, ويدل على ذلك قول الشاعر: [البسيط]
لا تحمدن امرأً حتى تجربه ... ولا تذمن من لم يبله الخبر
وهذا ضد قولهم: «أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» وضد قول الآخر: [الوافر]
تقول الحنظلية إذ رأتني ... رأيت مقرنًا دون المغيب
أي: دون ما كان يوصف, وهو غائب.
وقوله:
إليك طعنا في مدى كل صفصفٍ ... بكل وآةٍ كل ما لقيت نحر
استعار الطعن من الرماح للنوق, وجعل المدى كالمطعون. والصفصف: أرض واسعة صلبة, وربما كان فيها رمل رقيق. والوآة: أنثى الوأى, وأكثر ما يستعمل الوأى في الخيل وحمير الوحش, فربما قيل: الوأى: الطويل, وقيل: هو الصلب الشديد, وقيل المقتدر الخلق.
والذي يدل عليه الاشتقاق أنه من قولهم: وأيت إذا وعدت, وقيل: الوأي: ضمان العدة فكأن الوأى يعد من يراه أنه إذا افتقر إلى جريه وجده مرضيًا. ولما استعار الطعن في أول البيت, وجعل الوآة كالقناة صير كل ما لقيت نحرًا؛ لأن الطعنة إذا وقعت في ذلك الموضع كانت أقتل منها في غيره؛ أي أنها تنفذ في هذا المدى كما ينفذ السنان في المطعون فيبلغ الطاعن مراده بذلك.
وقوله:
إذا ورمت من لسعةٍ مرحت لها ... كأن نوالًا صر في جلدها النبر