دعاك إليها مقلتاها وجيدها ... فملت كما مال البعير عن القصد
وقالوا: فلان يدعى كذا؛ أي: يسمى؛ لأن التسمية لابد للنداء من أن يقع على الاسم الذي هو به متصلة, وعلى ذلك معنى البيت. وقالوا في قول ابن أحمر: [البسيط]
أهوى لها مشقصًا حشرًا فشبرقها ... وكنت أدعو قذاها الإثمد القردا
معنى أدعو: أجعل, وليس ذلك بقوي, وإنما المعنى: كنت أسمي قذاها لكرمها علي الإثمد القرد الذي ركب بعضه بعضًا, وإنما قالوا: دعا فلان ربه؛ لأن الداعي قد جرت عادته بأن ينادي باسم الله أو بصفةٍ من صفاته, فيقول: اللهم, ويارب, ويا خالق البشر, ونحو ذلك. يقول: دعاك الناس الرئيس, ولم يزيدوا على هذا المقدار, ودعاك خالقك بأعظم مما دعاك به الناس, فجعلك الرئيس الأكبر, ثم قال: خلفت صفاتك في العيون كلامه؛ أي: أنه لما خلقك علي هذه الصفات المعجزة على أن منزلتك عنده عظيمة لا يصل إليها غيرك, ثم مثل ما قدم في النصف الأول بقوله:
كالخط يملأ مسمعي من أبصرا
أي: إن الخط إذ ارآه من يقرؤه فكأن مسمعيه قد امتلأا بالكلام الذي قد رآه مكتوبًا, وهذا المعنى مثل قوله في الأخرى: [المنسرح]
أغنته عن مسمعيه عيناه
وقوله: (٨٤/أ)
أرأيت همة ناقتي في ناقةٍ ... نقلت يدًا سرجًا وخفًا مجمرا
يدًا سرجًا: أي: سريعةً سهلة السير. والخف يستعمل للإبل والنعام. والمجمر من الخفاف الصلب المجتمع, وكذلك من الحوافر, يقال: حافر مجمر إذا كان ليس بأرح ولا مصطر كأنه يعجب السامع من ناقته وشرف همتها لقوله: