وفي العباد الفاجر والغادر, ومن هو مستحق للذم. وفي الكتاب العزيز:{إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم} ولا اختلاف بين أهل المعقول في أن أشرار العالم يوفون على خياره بأضعافٍ في العدة. فلما قال: ورأيت كل الفاضلين تهذب: الغرض من طعن الطاعن؛ لأنه خص الفضلاء دون ذوي العيوب والنقص. وقال: فذلك, وهو فاعل أتى, وجاء به على الحكاية؛ لأن ذلك هو الوجه, وحكى بعضهم أن ذلك ربما عربت كافها في الشعر وأنشدواة في قوافٍ مرفوعةٍ:[الرجز]
كيف يكون النوك إلا ذلك
وقبل هذا البيت:
قد زعم الجاهل أني هالك ... وإنما الهالك ثم التالك
مضلل ضاقت به المسالك
وتالك إتباع.
وقوله:
وترى الفضيلة لا ترد فضيلةً ... الشمس تشرق والسحاب كنهورا
الرواية الصحيحة ترد بضم الراء, وفي ترد ضمير عائد على الفضيلة الأولى, والثانية منصوبة بوقوع الرد عليها. وهذا من التنصيف المبين؛ لأن قوله: الشمس تشرق والسحاب كنهورا بيان لقوله: وترى الفضيلة لا ترد فضيلةً, وذلك أن الشمس لا تشرق إذا تراكم السحاب, ولأن السحاب لا يمطر إذا أشرقت الشمس فإحدى الفضيلتين رادة للأخرى؛ لأن المنفعة بالشمس عظيمة وكذلك المنفعة بالسحاب, وكان ابن جني - رحمه الله - ينشد: