للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

تقضم الجمر والحديد الأعادي ... دونه قضم سكر الأهواز

القضم أكل بمقدم الفم, ويستعمل ذلك في الشيء اليابس دون الربط. والسكر أصله أعجمي, وقد جاء في الشعر الفصيح, قال الراجز: [الرجز]

تكون بعد الحسو والتمزر ... في فمه مثل عصير السكر

والأهواز هذه البلدة المعروفة, واسمها أعجمي؛ إلا أنه قد وافق من العربية قولهم: هوز الرجل إذا مات, مثل فوز. وقولهم: ما أدري أي الهوز هو, أي: أي الخلق هو. والمعنى أن الأعادي إذا طلبوا هذا الممدوح لقوا شدةً عظيمة دونه فكأنهم يقضمون جمرًا وحديدًا من الشدائد التي يلقون, ولا يريد أنهم يفعلون ذلك باختيارهم, وإنما يقدر عليهم؛ لأنه لو وصفهم بالصبر على تلك الحال لكان مادحًا لهم, وإنما أراد أنهم يقضمون الجمر والحديد مكرهين كما يقضم غيرهم السكر وهو لذلك مختار ملتذ به.

وقوله:

بلغته البلاغة الجهد بالعفـ ... ـو ونال الإسهاب بالإيجاز

الجهد هاهنا: مصدر جهد يجهد إذا تناهى في الطلب وبلوغ الحاجة. والعفو: السهل الذي لا كلفة فيه, ومنه قوله تعالى: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو}؛ أي: السهل من النفقات. وقوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف} , أي ما سهل من الأمور وتيسر. والعفو في غير هذا: الكثير. والإسهاب إكثار الكلام. وزعم أصحاب النقل أنه يقال: أسهب الرجل فهو مسهب بالفتح, ولا يمنعون أن يقال: مسهب, ومثله مسهبٍ أحصن فهو محصن. وقد قرئ بالفتح والكسر: محصنين ومحصنين, وألفج فهو ملفج إذا أفلس, قال الراجز: [الرجز]

<<  <   >  >>