للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك قالوا في الإبل, قال القطامي: [الوافر]

أكفرًا بعد دفع الموت عني ... وبعد عطائك المائة الرتاعا

وقوله:

ولو حملت صم الجبال الذي بنا ... غداة افترقنا أوشكت تتصدع

أصل الصمم في الأذن, وقالوا للصخرة: صماء وللجبل: أصم, وهم يريدون أنه إذا ضرب بالملطس لم يكسره, وقالوا للفرس الشديد: صمم, قال الشاعر: [البسيط]

سميت نفسك فيها سابقًا صممًا ... وكان غيرك فيها السابق الصمم

وكأنه أخذ من الصمة, وهي الشدة, وقالوا للأسد: صمة, وكذلك للشجاع. وأوشكت: أي أسرعت. وجاءت أفعال للمقاربة لا تجيء معها (أن) , كقولهم: جعل يفعل, وكرب يقول, وكاد يطير من السرور؛ وكأن أبا الطيب شبه أوشك هاهنا بتلك الأفعال.

وتتصدع: في موضع نصبٍ على الحال؛ كأنه قال: أوشكت متصدعةً؛ أي: أسرعت في التصدع, ونحو من ذلك قولهم: أقبل يقول كذا أي: أقبل قائلًا, ولو كان الكلام منثورًا لكان ظهور (أن) هاهنا حسنًا, وإذا ظهرت صارت وما بعدها في موضع مفعولٍ, وبطل معنى الحال؛ لأن (أن) تدل على أن الفعل غير واقعٍ. والتصدع: التفرق, وصدع الإناء إذا شقه؛ لأنه يفرق أجزاءه, وكذلك صدع الرداء. قال عبد يغوث الحارثي: [الطويل]

كأني لم أركب جوادًا ولم أقل ... لخيلي كري كرةً من ورائيا

ولم أسبأ الزق الروي ولم أقل ... لأيسار صدقٍ أعظموا ضوء ناريا

وأعقر للشرب الكرام مطيتي ... وأصدع بين القينتين ردائيا

<<  <   >  >>