وقوله:
بما بين جنبي التي خاض طيفها ... إلى الدياجي والخليون هجع
هذا مثل قولهم: بنفسي التي؛ لأن قوله: بما بين جنبي مؤد معنى النفس, فيجوز أن تكون «التي» وصلتها في موضع رفعٍ, ويكون التقدير: المفدية بما بين جنبي التي خاض طيفها, ويجوز أن يكون المضمر أفدي, وتكون «التي» في موضع نصبٍ.
والدياجي: جمع لا يستعمل واحده, وأشبه الأشياء به أن يكون واحده ديجوًا على مثال فيعولٍ من قولهم: دجا الليل يدجو إذا ألبس الأرض, فلما جمع قلبت الياء واواً؛ لأن كسرة الجمع وقعت قبلها, كما يقال في جمع ديجور: دياجير, ثم خففت الياء, كما فعلوا ذلك (١٠٥/أ) في أماني ونحوها, فإن ادعى مدعٍ أن أصل دياجٍ دياجير أو دياجيج, ثم حذفت الراء أو الجيم فقد ذهب مذهبًا, إلا أن الأول أشبه.
وقوله:
أتت زائرًا ما خامر الطيب ثوبها ... وكالمسك من أردانها يتضوع
استعمل زائرًا للمؤنث؛ لأنه ذهب إلى الشخص أو المحبوب, ومن هذا النوع قولهم للمرأة: ظبي وغزال, قال أبو دواد: [مجزوء الكامل]
ولقد دخلت الخدر يحـ ... ـفزني إلى الفرش القرام
فإذا غزال عاقد ... كالبدر فشغه المنام
وقال ابن أبي ربيعة: [السريع]
يا من لقلبٍ دنفٍ مغرم ... هام إلى هندٍ ولم يظلم
هام إلى ريمٍ لطيف الحشى ... عذب الثنايا حسن المبسم
ولكن أبا الطيب قال: أتت زائرًا فجاء بالفعل وفيه علامة التأنيث, وجاء بزائرٍ على لفظ التذكير؛ فكان ذلك أبعد من غيره, ولم يقل كما قال ذو الرمة استعمل زائرًا في المؤنث: [الطويل]