أتت تخبط الظلماء من جانبي قسًا ... وحب بها من خابط الليل زائرا
وقولهم: حبذا هند زائرًا, وحبذا هي طارقًا أحسن من قولهم: جاءت زائرًا.
وقوله:
فيا ليلةً ما كان أطول بتها ... وسم الأفاعي عذب ما أتجرع
في هذا الكلام حذف, والمعنى: ما كان أطولها, ولو كان في غير الشعر لجاز (بتك) مكان (بتها) , ويكون المعنى ما كان أطولك, ولما قال: بتها وجب أن يكون التقدير: ما أطولها, وهم يحذفون مفعول التعجب إذا كان المعنى دالًا عليه, كما يقال: لقيت فلانًا فما أعز وأكرم, فلما جئت باسم المتعجب منه في أول كلامك جاز أن تحذف العائد عليه, قال الشاعر: [الطويل]
نزلنا بسهمٍ والرياح تلفنا ... فلله سهم ما أدق وألأما
وقوله:
تذلل لها واخضع على القرب والنوى ... فما عاشق من لا يذل ويخضع
إن جعلت (من) معرفةً فعاشق خبر مقدم, كأنه قال: فما من لا يذل ويخضع عاشق, ويجوز أن ترفع عاشقًا بما, وتجعل (من) مرفوعًا بفعله, فإن جعلت (من) نكرةً جعلت عاشقًا اسم ما, ومن وما بعدها خبر.
وقوله:
فأرحام شعرٍ يتصلن لدنه ... وأرحام مالٍ ما تني تتقطع
يقال: لدن, بضم الدال, ولدن بفتحها, وزعموا أن فتحها لا يجوز إلا مع غدوةٍ إذا قلت: جئتك لدن غدوةً, ويقال لدن, بسكون الدال وفتح اللام, ولدن, بضم أوله, ولد, بغير نونٍ, ولد, بضم اللام والدال, ولد ساكنة الدال, والتشديد مع غير النون التي يراد بها الكناية عن الجمع قليل؛ لأنهم يقولون: لدنا, كما يقولون: عندنا, فإن كانت النون شددها بعض الفصحاء في مثل قوله: لدنه, ولدنك فإنما اجترأ على ذلك؛ لأنه سمعها مشددةً في