للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

فليس بواهب إلا كثيرًا ... وليس بقاتلٍ إلا قريعا

القريع: السيد, وقد ذكر في الأضداد؛ فيجيء في معنى الكريم الرئيس, وفي معنى المغلوب الذليل, وكلاهما معدول عن مفعولٍ؛ فإذا كان مدحًا فهو من قولهم: قرعت الشيء, فهو مقروع: إذا أخذت خياره, فيقال: مقروع للمختار, ومقروع للذي بقي بعد أخذ الجيد. يقول: هذا الممدوح لا يقتل إلا سيدًا من القوم؛ لأن ذلك أعظم لخطره.

وقوله:

وليس مؤدبًا إلا بنصلٍ ... كفى الصمصامة التعب القطيعا

الصمصامة: من صفات السيف, وهو الماضي القاطع, يقال: صمصام وصمصامة, ويقولون: صمصامة عمرو بن معدي كرب وصمصامه. وقال عمرو: [الوافر]

خليل لم أخنه ولم يخني ... مع الصمصام أو سيفي سلام

أراد سلامة ذا فائشٍ الحميري فحذف الهاء, والذين يذهبون إلى أن الحرف المكرر يكون بدلًا من التشديد, كقولهم: رقرق في رقق, وغلغل في غلل, يرون أن الصمصام مأخوذ من صمم السيف إذا قطع في غير مفصلٍ. والقطيع: السوط, وهو فعيل في معنى مفعولٍ, كأنه معدول عن مقطوع.

يقول: إن هذا الممدوح لا يعاقب إلا بالسيف, فقد أراح السوط من التعب؛ لأنه لا يعاقب به, وجعل السوط يتعب على معنى الاستعارة؛ لأن الضرب به يتكرر؛ فإذا أقيم به الحد ضرب المحدود مئة سوطٍ أو ثمانين أو أربعين, والسيف طال ما قتل بضربةٍ واحدةٍ.

<<  <   >  >>