للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولولا أن الكلام منظوم لكان الأحسن أن يقال: جبال الأرض في جنبها قفاف ليقابل جمعًا بجمعٍ, ولكن يمكن أن يجعل هذا من المبالغة؛ لأنه يجعل الجبال وهي جمع كالقف الواحد.

وقوله:

ولما فقدنا مثله دام كشفنا ... عليه فدام الفقد وانكشف الكشف

الهاء في عليه: راجعة على مثله, ولولا أنه منظوم لكان الأشبه بهذا الموضع أن يقال: عنه في موضع عليه. يقول: لما فقدنا مثله طال كشفنا عن مثله لعلنا نجده, فدام فقدنا مثله, وانكشف كشفنا, أي: زال؛ لأنا يئسنا من وجدان مثله, وهو من قولهم: انكشف القوم إذا ولوا.

وقوله:

وما حارت الأوهام في عظم شأنه ... بأكثر مما حار في حسنه الطرف

يقول: ما حارت الأوهام في عظم شأنه بحيرةٍ أكثر مما حار الطرف في حسن وجهه, وإنما حسن دخول الباء هاهنا لمجيء ما في أول الكلام؛ لأنها تدخل على خبرها كثيرًا, وهذا الكلام محمول على معناه؛ كأنه يريد: وما حيرة الأوهام في عظم شأنه بأكثر من حيرة العيون في وجهه, ولو أن الكلام غير منظومٍ وحذفت الباء لم يخل حذفها بالمراد, ودخولها هاهنا يشبه دخولها في قول الشاعر: [الوافر]

فما رجعت بخائبةٍ ركاب ... حكيم بن المسيب منتهاها

وقوله:

ولا نال من حساده الغيظ والأذى ... بأعظم مما نال من وفره العرف

قد جاءت الباء هاهنا كمجيئها في البيت الذي قبله, ومجيئها في البيت الأول أقوى لمجيء «ما» في أوله.

<<  <   >  >>