وقال الراجز فجمع بين التحريك والإسكان: [الرجز]
يا أسدي لم أكلته لمه ... لو خافك الله عليه حرمه
والرفاق في هذا البيت: يحتمل أن تكون مصدر رافقت, ويجوز أن يكون جمع رفقةٍ والمصدر أولى به من الجمع, وإذا جعل جمع رفقةٍ فالمعنى: لم تتعرضين الرفاق التي تصحبه أو هي له كالملك.
وقوله:
ولو تبعت ما طرحت قناه ... لكفك عن رذايانا وعاقا
سبق إلى هذا المعنى الأولون؛ أعني اتباع الطير والوحش؛ فروي للأفوه الأودي: [الرمل]
وترى الطير على آثارنا ... رأي عينٍ ثقةً أن ستمار
وقد استوفى النابغة الذبياني هذا الغرض فقال: [الطويل]
إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طيرٍ تهتدي بعصائب
جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أول غالب
لهن عليهم عادة قد عرفنها ... إذا عرض الخطي فوق الكواثب
ولم يبالغ أبو الطيب في هذا البيت؛ لأنه جعل الوحش تتبع الجيش لتأكل من رذاياه. والرذايا: جمع رذيةٍ, وهي الناقة التي قد حسرها السير, ولم يقل كما قال الحكمي: [المديد]
تتآيا الطير غدوته ... ثقةً بالشبع من جزره
وقوله:
ولو سرنا إليه في طريقٍ ... من النيران لم نخف احتراقا
هذه مبالغة مستقصاة في سلامة القاصد لفضل المقصود, وسعوده الغالبة.