للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

إذا ما لبست الدهر مستمتعًا به ... تخرقت والملبوس لم يتخرق

هذا البيت إذا طولب الشاعر بحسن الأدب وجب ألا يقابل الممدوح بمثله, وقد أنكر عبد الملك بن مروان على جريرٍ ما هو دون هذا, وذلك أنه لما أنشده: [الوافر]

أتصحو أم فؤادك غير صاح

قال له عبد الملك: بل فؤادك, أنكر عليه مخاطبته إياه بالكاف. ولا ريب أن الشاعر لم يرد بهذا إلا نفسه أو غيره من المخاطبين دون الممدوح, ولكن يكره مثل هذ خيفةً من التطير.

وقوله:

أدرنا عيونًا حائراتٍ كأنها ... مركبة أحداقها فوق زئبق

أراد أنهم يبكون؛ فالمدمع يجول في العيون كانه زئبق فشبه به الدمع؛ لأنهم إذا وصفوا الماء بالصفاء قالوا: كأنه دموع, وأراد أن نظرهم لا يثبت لكثرة البكاء.

وقوله:

نودعهم والبين فينا كأنه ... قنا ابن أبي الهيجاء في قلب فيلق

الفيلق: الكتيبة العظيمة كأنها تفلق هام من يحارب؛ ولذلك قيل للداهية: فلق وفلقة؛ (١٢٠/أ) لأنها كالتي تفلق الرأس, قال الأعشى: [السريع]

في فيلقٍ شهباء ملمومةٍ ... تعصف بالدارع والحاسر

<<  <   >  >>