وقوله:
لو عدا عنك غير هجرك بعد ... لأرار الرسيم مخ المناقي
يقال: مخ رار ورير ورير, وهو مخ الهزيل, ويدعى على الرجل فيقال: أرار الله مخه؛ أي: أذابه. قال الشاعر يخاطب ناقةً: [الوافر]
أرار الله مخك في السلامى ... على من بالحنين تعولينا
والسلامى: عظام الرجل, وآخر ما يبقى المخ في السلامى, وفي العين. قال الراجز: [السريع]
لا يشتكين عملًا ما أنقين ... مادام مخ في سلامى أو عين
والمعنى: لو أن الذي يبعدك منا شيء غير الهجر؛ يعني الأرض البعيدة؛ لأعملنا العيس إليك حتى يصير السير مخها ريرًا. والمناقي: جمع منقيةٍ, وهي السمينة, وربما قالوا: المنقية ذات النقي وهو المخ, والمعنى متقارب؛ لأن السمين لا يعدم نقيًا, والمنقي لا يعدم سمنًا.
وقوله:
ولسرنا ولو وصلنا عليها ... مثل أنفاسنا على الأرماق
فهذا معنى يجوز أن يكون قائله لم يسبق إليه. والرمق: بقية النفس. يقول: لو أن المسير إليك ينفعنا عندك لسرنا ونحن على ظهور إبلنا, ولو صرنا كالأنفاس على الأرماق.
والنفس يصعب إذا كان الإنسان في الرمق.
وقوله:
ما بنا من هوى العيون اللواتي ... لون أشفارهن لون الحداق
الحداق: جمع حدقةٍ, وإنما قيل لها: حدقة؛ لأن ما حولها يحدق بها, يقال: حدقوا بالرجل, وأحدقوا إذا أطافوا به, قال الشاعر: [الوافر]
ولما أحدقوا بي واستكفوا ... وإن ناديت ثم فلن أجابا