وقال الأخطل: [البسيط]
المنعمون بنو حربٍ وقد حدقت ... بي المنية واستبطأت أنصاري
هذا استفهام معناه معنى التعجب, كأنه قال: أي شيء بنا من هوى العيون, أي ما أعظمه وأكثره! ولو أنه استفهام خالص لبطل المعنى المقصود؛ لأن الإنسان لا يستفهم عما هو به عارف, ولو كانت (ما) في معنى الذي لكان المعنى صحيحًا, ولم يكن في البيت مبالغة. والأشفار: جمع شفرٍ, وهو الذي عليه هدب الأجفان, وكأن شفر الشيء آخره وطرفه, ومن ذلك قولهم: شفرة السيف؛ لأنها منتهى صفحه, وهو على شفيرٍ؛ أي: على آخر مكانٍ عالٍ, والمراد: أن هذه العيون أشفارها سود كسواد حداقها.
وقوله:
قصرت مدة الليالي المواضي ... فأطالت بها الليالي البواقي
يقول: كانت ليالينا في زمان قربها قصارًا, فلما كان البعد طالت الليالي التي كانت في قربها قصيرةً, وهذا معنى كثير التردد (١٢٥/ب) , إلا أن لفظ أبي الطيب له مزية على سواه, وليس بخافٍ أن بيت أبي الطيب أشرف من قول الآخر: [السريع]
ليلي كما شاءت فإن لم تزر ... طال وإن زارت فليلي قصير
وفي قصرت ضمير يعود إلى الموصوفة, وكذلك في قوله: أطالت.
وقوله:
كاثرت نائل الأمير من الما ... ل بما نولت من الإيراق
الإيراق: هاهنا يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون من قولهم: أورق الصائد إذا لم يصد شيئًا, وأورق طالب الحاجة إذا