لم يصل إليها, وأصل ذلك أن الصائد إذا خاب جمع ورق شجرٍ في مخلاته كأنه يريده لبهيمةٍ يملكها أو لغير ذلك مما يحتاج إليه بنو آدم. فيكون المعنى أن هذه المذكورة كاثرت نائل الأمير بضده؛ لأنه جواد, وهي بخيلة, فعطاؤه يعم وعطاؤها لا يوصل إليه.
والآخر أن يكون من قولهم: أرق الرجل وأرقه غيره إذا أسهره؛ فيكون المعنى أن إيراقها للناس؛ أي: منعها إياهم من النوم كثير جدًا تكاثر به نائل الأمير, وكلا الوجهين حسن.
وقوله:
طاعن الطعنة التي تطعن الفيـ ... ـلق بالذعر والدم المهراق
الأجود تحريك الهاء في المهراق. يقال: أرقت الماء وهرقته, والأصل الهمز فأبدلوا من الهمزة هاءً لقتارب المجريين, قال امرؤ القيس:[الطويل]
وإن شفائي عبرة مهراقة
ووزن مهراقٍ مهفعل في الأصل وموجوده مهفعل, والذين قالوا: مهراق, بسكون الهاء, يزعم النحويون أنهم جعلوا الهاء عوضًا من اعتلال العين, وقالوا للفاعل: مهريق, قال الشاعر, وهو العديل بن الفرخ العجلي:[الطويل]
فكنت كمهريق الذي في سقائه ... لرقراق آلٍ فوق رابيةٍ صلد
والمعنى: أن هذا المذكور يطعن الطعنة فتهول من يراها لسعتها وما تهريقه من الدم, وهذا الغرض يشاكه غرضه في قوله:[الخفيف]
ما مضوا لم يقاتلوك ولكن ... ن القتال الذي كفاك القتالا