للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

ذات فرغٍ كأنها في حشى المخـ ... ـبر عنها من شدة الإطراق

المراد أن هذه الطعنة إذا سمع بها المخبر عنها ظن أنها في حشاه؛ فاتصل إطراقه إلى الأرض, ويجوز أن يكون الإطراق هاهنا ليس من إطراق العين, ولكنه إلقاء نفسه في الطريق كأنه قد غشي عليه.

وقوله:

فوق شقاء للأشق مجال ... بين أرساغها وبين الصفاف

الأشق: هاهنا فرس متباعد ما بين القوائم, وهم يحمدون ذلك في الخيل. وروى أصحاب الأخبار أن جيشًا من العرب غزا, فهزم, فجاء شيخ من الفل, فاجتمع إليه جواري الحي يسألنه عن أخبار آبائهن, فقال: أخبرنني عن خيل آبائكن أخبركن عنهم, فقالت إحداهن: كان أبي على شقاء مقاء طويلة الأنقاء, تمطق أنثياها بالعرق تمطق الشيخ بالمرق, فقال: سلم أبوك. تعني بالأنثيين: الأذنين. تريد أن العرق يخرج منهما قليلًا قليلًا؛ لأن العرق إذا كثر لم يحمد, وكذلك إذا أفرط في القلة. وقد مضى ذكر ذلك مع تمام الخبر فيما تقدم. وقد أسرف أبو الطيب في هذا البيت؛ لأنه جعل الأشف من الخيل له بين أرساغ هذه الفرس وصفاقها مجال, والصفاق جلد تحت الجلد الأعلى, أو لحم رقيق, وإنما جاء به للقافية, وهذا كذب لا يجوز أن يكون مثله ولا فائدة فيه.

وقوله:

همه في ذوي الأسنة لا فيـ ... ـها وأطرافها له كالنطاق

يقول: هذا الفارس همه في قتل ذوي الأسنة, ولا يحفل بأن أطرافها مطيفة بخصره, فقد صارت كالنطاق.

وقوله:

ثاقب العقل ثابت الحلم لا يقـ ... ـدر أمر له على إقلاق

ثاقب العقل: أي: إذا أبهمت الأمور, ولم يكن منفذ؛ فعقله يجعل لها منافذ.

والثاقب: في القرآن يفسر على وجهين: قيل: المضيء, وقيل: المرتفع, وإنما قيل

<<  <   >  >>