للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحوه فهو تحية. ولم يقصر أبو عبادة في قوله: [الطويل]

سلام وإن كان السلام تحيةً ... فوجهك دون الرد يكفي المسلما

والتحية في كتاب الله سبحانه كلام؛ لأنه قال: {وإذا حييتم بتحيةٍ فحيوا بأحسن منها أو ردوها}. ويقال: حياه بالريحان وبالورد, وبغير ذلك, فأما قول النابغة: [الطويل]

تحييهم بيض الولائد بينهم ... وأكسية الإضريج فوق المشاجب

فإنما يريد أن الولائد يحيينهم بالأزهار, ويجب أن يكون أصل التحية أن يدعى للرجل بالحياة, ثم استعمل ذلك في أشياء مختلفة, حتى سموا الملك تحيةً, قال زهير بن جنابٍ الكلبي: [مجزوء الكامل]

من كل ما نال الفتى ... قد نلته إلا التحيه

وقال عمرو بن معد يكرب: [الوافر]

أسير بها إلى النعمان حتى ... أنيخ على تحيته بجند

وخص الوجه بأن سمي محيًا؛ لأنه أجل شخص الإنسان, وهو الذي يلقى بالتحية من الكلام أو غيره؛ وإذا روي محياك, بكسر الكاف قوي ذلك أن يكون قوله: سلي بالياء, كأنه يخاطب مؤنثًا, وإذا كان سل مخاطبةً لمذكرٍ فهو خروج لم تجر عادة أبي الطيب بمثله؛ لأنه ترك النسيب, وخرج إلى ذكر الممدوح.

وقوله:

وهز أطار النوم حتى كأنني ... من السكر في الغرزين ثوب شبارق

<<  <   >  >>