للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألم تسأل الربع القواء فينطق ... وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق

وذكر أبو الطيب ما أوجب بغضه الطيف, وهو أنه يهجره أيام الوصال, وشبهه بالصبابة والكآبة والأسى الكائنات عند الفراق, فقال:

مثل الصبابة والكآبة والأسى ... فارقنه فحدثن من ترحاله

وقوله:

وقد استقدت من الهوى وأذقته ... من عفتي ما ذقت من بلباله

استقدت: استفعلت من القود, وأصل ذلك أن الرجل يقتل الآخر؛ فيقاد قاتله إلى أهله؛ فربما قتلوه وربما عفوا عنه. يقول: إن كان الهوى قد لحقتني منه بلابل فقد استقدت منه, وأذقته من عفتي ما هو جزاء له.

والهوى في البيت يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يريد به الهوى الذي هو عرض؛ فيكون هذا من مبالغة الشعراء التي ليس لها حقيقة, لأن القول لا يصح من شيء يخطر في القلب.

والآخر: يريد بالهوى المرأة التي شبب بها؛ لأنهم يقولون: فلانهة هواي؛ أي التي أهواها وهذا على حذف المضاف؛ كأنهم يريدون ذات هواي. والبلبال ما يجده الرجل في قلبه من حب أو حزنٍ, وأصل البلبلة: الحركة السريعة, وربما كان معها عنف, ويقال: قوم بلابل أي أصحاب سرعة وحركة, قال الشاعر: [الطويل]

سيمنع ما تحوي الحمارة وابنها ... قلائص رسلات وشعث بلابل

والحمارة اسم حرةٍ.

وقوله:

ولقد ذخرت لكل أرضٍ ساعةً ... تستجعل الضرغام عن أشباله

<<  <   >  >>