وقوله:
ولقد خبأت من الكلام سلافه ... وسقيت من نادمت من جرياله
سلاف الخمر أول ما يسيل منها عند العصار, ويقال: هو ما سال من غير عصارٍ وإنما أخذ من: سلف الشيء إذا تقدم. وسلاف الجيش الذين يتقدمونه, وكذلك السلف, قال أبو دواد: [الخفيف]
عين ماءٍ يبين من سلف أر ... عن جلسٍ لرعنه قدام
والجريال يختلف في العبارة عنه, وربما قالوا: هو ماء الذهب, وقيل: هو صبغ أحمر يلقى في الخمر. وقيل: الجريال لون الخمر شبه بغيره؛ إما من ماء الذهب, وإما من الصبغ الأحمر. ويقال: جريال باللام وجريان بالنون؛ فأما قول الأعشى: [الكامل]
وسبيةٍ مما تعتق بابل ... كدم الذبيح سلبتها جريالها
فمعناه أنه شربها حمراء وبال بولًا أبيض فكأنه سلبها لونها.
وقوله:
وحكمت في البلد العراء بناعجٍ ... معتاده مجتابه مغتاله
الناعج من النعجان وهو ضرب من السير, وقيل: إن أصل الناعج أنه الذي يصطاد عليه نعاج الوحش لسرعته, ثم سمي بعض السير نعجانًا.
والعراء: ظهر الأرض, ويقال: هو المكان الواسع, والمعنيان متقاربان, ويجوز أن يكون قيل له: عراء لأنه لا شجر فيه كأنه عري منه. وفي الكتاب العزيز: {لنبذ بالعراء وهو مذموم} , فأما العرى بالقصر فهو فناء الدار.
معتاده: من العادة, ومجتابه: من جاب البلد إذا قطعه, ومغتاله: أي يغوله ويفنيه, والهاءات الثلث في النصف الثاني راجعات إلى العراء, وقال الشاعر في العراء بالمد: [الكامل]
فرفعت رجلًا لا أخاف عثارها ... ونبذت بالبلد العراء ثيابي