للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

فخاضت نجيع القوم خوضًا كأنه ... بكل نجيعٍ لم تخضه كفيل

النجيع هو الخالص من الدم, وربما قالوا: هو دم الجوف, وتكثر عبارتهم بأن يقولوا: النجيع الدم فلا يخصون شيئًا, وقال الشاعر: [الوافر]

وتخضب لحية كذبت وخانت ... بأحمر من نجيع الجوف آن

والمراد أن هذاا لنجيع الذي قد خاضته كفيل لها بكل نجيعٍ لم تخضه؛ أي إنها تقتل الأعداء الباقين فتخوض دماءهم.

وقوله:

وأضعفن ما كلفنه منا قباقبٍ ... فأضحى كأن الماء فيه عليل

قباقب: اسم نهر جاوزته هذه الخيل بفرسانها, وأضعفن يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون من الضعف, ويكون المعنى أن هذه الخيل أضعفت هذا الماء وكدرته, فكأنه عليل؛ أي به علة.

والآخر: أن يكون من ضعف الشيء إذا قلت أضعفت له العطية إذا زدتها ضعفها؛ فيكون عليل هاهنا فعليلًا في معنى مفعولٍ من قولك: عللت الشرب إذا كررته؛ أي جاءت هذه الخيل فعبرت هذا الماء؛ فكأنها سيل من كثرتها وسرعتها؛ فصار النهر مثله. ويقوي ذلك قوله:

ورعن بنا قلوب الفرات كأنما ... تخر عليه بالرجال سيول

استعار للفرات قلبًا, وإنما يريد معظم مائه وخالصه.

وقوله:

تراه كأن الماء مر بجسمه ... وأقبل رأس وحده وتليل

يقول: إن الفرس يغيب شخصه في الماء فلا يبين منه إلا رأسه وعنقه, وهذه صفة قلما فعلتها الملوك ولا يسمع بمثلها في الأخبار؛ إلا أن الكميت قال يفتخر في بعض أشعاره: [الوافر]

<<  <   >  >>