للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى البيت أن الممدوح إذا اعترض لعيوننا أو كان موليًا عنها رأته, فإذا قابلها مواجهةً حارت من نوره فلم تره.

وقوله:

كلماته قضب وهن فواصل ... كل الضرائب تحتهن مفاصل

فواصل أي يفصلن الضريبة, وهن في معنى فواصل؛ أي قواطع, والمفاصل جمع مفصلٍ, وكل موصل عظمين في بدن الإنسان فهو مفصل, فأما المفاصل في قول الهذلي: [الطويل]

وإن حديثًا منك لو تعلمينه ... جنى النحل في ألبان عوذٍ مطافل

مطافيل أبكارٍ حديثٍ نتاجها ... تشاب بماءٍ مثل ماء المفاصل

فالمفاصل هاهنا: مواضع تفصل بين الصخور, فيكون فيها ماء بارد. وإذا صادف السيف مفصلًا كان أمضى منه إذا لم يصادفه؛ فإذا أصاب المفصل قيل: طبق, وإذا أصاب العظم قيل: صمم.

وقوله:

هزمت مكارمه المكارم كلها ... حتى كأن المكرمات قبائل

وقتلن دفرًا والدهيم فما ترى ... أم الدهيم وأم دفرٍ هابل

يقول: مكارم الممدوح هزمت مكارم الناس؛ فكأنها قبيلة غلبت القبائل. وقتلن دفرًا؛ يعني: قتلن دفرًا الذي تكنى به الدنيا؛ فيقال لها: أم دفرٍ, وهو يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون من الدفر الذي هو كراهة الرائحة.

والآخر: أن يكون من الدفر الذي هو دفع؛ يقال: دفرت الرجل إذا دفعته, أي هي تدفع الناس فتخرجهم منها.

والدهيم من أسماء الداهية, ويقال: إن أصل ذلك من أن ناقةً كانت تسمى الدهيم, وهي ناقة عمرو بن الزبان, وكان له بنون جماعةً فقتلوا وحملت رؤوسهم على الدهيم, وخليت الناقة فذهبت إلى البيت الذي كانت قد اعتادت الرواح إليه, وعمرو بن الزبان

<<  <   >  >>