للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جالس فيه, فرأت الناقة أمه له, وجست الرؤوس من ظاهرٍ وهي لا تعلم ما هي, فقالت: لقد جنى بنوك الليلة بيض نعام, فضربت العرب بها المثل في النكد والشؤم؛ فقالوا: صبحتهم الدهيم وصبحهم حمل الدهيم قال الكميت: [الطويل]

أهمدان مهلًا لا يصبح بيوتكم ... بأفعالكم حمل الدهيم وما تزبي

تزبي: أي تحمل؛ يقال: زباه إذا حمله. وكان أبو الفتح بن جني, رحمه الله, يذهب إلى أن نصف البيت الأول يتم فيه الكلام, ويجعل قوله: أم الدهيم ابتداءً, ويجعل هابلًا خبرًا لأم دفر أو لأم الدهيم؛ فكأنه قال: أم الدهيم هابل وأم دفرٍ كذلك, فاكتفي بأحد الخبرين.

وأوجه من هذا, والله أعلم, أن يكون النصف الآخر متعلقًا بالنصف الأول, وترفع أم الدهيم لأنها اسم ما لم يسم فاعله, وتكون الواو في قوله: وأم دفرٍ عاطفةً جملةً على جملةٍ, وأم دفرٍ مرفوعة بالابتداء. وهابل أي ثاكل, ومعروف في كلام العرب أنهم يسمون الداهية: الدهيم مرةً وأم الدهيم أخرى.

وقوله:

علامة العلماء واللج الذي ... لا ينتهي ولكل لج ساحل

يقال: رجل علامة ونسابة أدخلوا الهاء للمبالغة, وليس قولهم العلامة كقولهم: شفرة هذامة؛ لأن الشفرة مونثة, قال الراجز: [الرجز]

ويل لأحمال بني نعامه ... منك ومن شفرتك الهذامه

أي القاطعة.

إذا ابتركت وحفرت قامه ... ثمطرحت الفرث والعظامه

<<  <   >  >>