وَاجٍ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رُسُلًا تَتْرَى لِيَقْدَمَ عَلَيْهِ وَيُقَالَ: بَلْ أَقَامَ أَيَّامًا يُظْهِرُ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْإِكْرَامَ وَالِاحْتِرَامَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ مِنْهُ الْوَحْشَةُ، فَخَافَ أَبُو مُسْلِمٍ، وَاسْتَشْفَعَ بِعِيسَى بْنِ مُوسَى، وَقَالَ: إِنِّي أَخَافُهُ عَلَى نَفْسِي. فَقَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، فَانْطَلِقْ فَأَنَا آتٍ وَرَاءَكَ، وَأَنْتَ فِي ذِمَّتِي حَتَّى آتِيَكَ - وَلَمْ يَكُنْ مَعَ عِيسَى بْنِ مُوسَى خَبَرٌ بِمَا يُرِيدُ بِهِ الْخَلِيفَةُ - فَجَاءَ أَبُو مُسْلِمٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى الْخَلِيفَةِ فَقَالُوا لَهُ: اجْلِسْ هَاهُنَا; فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَتَوَضَّأُ. فَجَلَسَ وَهُوَ يَوَدُّ أَنْ يَطُولَ مَجْلِسُهُ لِيَجِيءَ عِيسَى بْنُ مُوسَى فَأَبْطَأَ، وَأَذِنَ لَهُ الْخَلِيفَةُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ يُعَاتِبُهُ فِي أَشْيَاءَ صَدَرَتْ مِنْهُ، فَيَعْتَذِرُ عَنْهَا جَيِّدًا، حَتَّى قَالَ لَهُ: فَلِمَ قَتَلْتَ سُلَيْمَانَ بْنَ كَثِيرٍ، وَفُلَانًا وَفُلَانًا؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ عَصَوْنِي وَخَالَفُوا أَمْرِي. فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَنْصُورُ، وَقَالَ: وَيْحَكَ! أَنْتَ تَقْتُلُ إِذَا عُصِيتَ، وَأَنَا لَا أَقْتُلُكَ وَقَدْ عَصَيْتَنِي؟! وَصَفَّقَ بِيَدَيْهِ، وَكَانَتِ الْإِشَارَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُولَئِكَ الْمُرْصَدِينَ لِقَتْلِهِ، فَتَبَادَرُوا إِلَيْهِ لِيَقْتُلُوهُ، فَضَرَبَهُ أَحَدُهُمْ فَقَطَعَ حَمَائِلَ سَيْفِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اسْتَبْقِنِي لِأَعْدَائِكَ. فَقَالَ: وَأَيُّ عَدُوٍّ أَعْدَى لِي مِنْكَ؟ ثُمَّ زَجَرَهُمُ الْمَنْصُورُ، فَقَطَّعُوهُ قِطَعًا قِطَعًا، وَلَفُّوهُ فِي عَبَاءَةٍ، وَدَخَلَ عِيسَى بْنُ مُوسَى عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: هَذَا أَبُو مُسْلِمٍ. فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ: احْمَدِ اللَّهَ; فَإِنَّكَ هَجَمْتَ عَلَى نِعْمَةٍ، وَلَمْ تَهْجُمْ عَلَى نِقْمَةٍ. فَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute