للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُفْسِدِينَ، ثُمَّ مِنْ خَبَرِي أَيُّهَا الْفَاسِقُ أَنِّي قَدْ وَلَّيْتُ مُوسَى بْنَ كَعْبٍ خُرَاسَانَ، وَأَمَرْتُهُ بِالْمُقَامِ بِنَيْسَابُورَ، فَإِنْ أَرَدْتَ خُرَاسَانَ لَقِيَكَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ قُوَّادِي وَشِيعَتِي، وَأَنَا مُوَجِّهٌ لِلِقَائِكَ أَقْرَانَكَ، فَاجْمَعْ كَيْدَكَ وَأَمْرَكَ غَيْرَ مُسَدَّدٍ وَلَا مُوَفَّقٍ، وَحَسْبُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

وَلَمْ يَزَلِ الْمَنْصُورُ يُرَاسِلُهُ تَارَةً بِالرَّغْبَةِ وَتَارَةً بِالرَّهْبَةِ، وَيَسْتَخِفُّ أَحْلَامَ مَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالرُّسُلِ الَّذِينَ يَبْعَثُ بِهِمْ أَبُو مُسْلِمٍ، حَتَّى حَسَّنُوا لَهُ فِي رَأْيِهِ الْقُدُومَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ سِوَى أَمِيرٍ مَعَهُ يُقَالُ لَهُ: نَيْزَكُ. فَإِنَّهُ لَمْ يُوَافِقْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَى أَبَا مُسْلِمٍ قَدِ انْصَاعَ مَعَهُمْ قَالَ:

مَا لِلرِّجَالِ مَعَ الْقَضَاءِ مَحَالَةٌ ... ذَهَبَ الْقَضَاءُ بِحِيلَةِ الْأَقْوَامِ

وَأَشَارَ عَلَيْهِ، كَمَا تَقَدَّمَ، بِأَنْ يَبْدُرَ إِلَى قَتْلِ الْخَلِيفَةِ إِنْ أَمْكَنَهُ، فَمَا أَمْكَنَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ لَمَّا قَدِمَ الْمَدَائِنَ تَلَقَّاهُ الْأُمَرَاءُ عَنْ أَمْرِ الْخَلِيفَةِ، فَمَا وَصَلَ إِلَّا آخِرَ النَّهَارِ، وَقَدْ أَشَارَ أَبُو أَيُّوبَ كَاتِبُ الرَّسَائِلِ عَلَى الْخَلِيفَةِ أَنْ لَا يَقْتُلَهُ يَوْمَهُ هَذَا، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ أَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ، وَأَظْهَرَ احْتِرَامَهُ، وَقَالَ: اذْهَبِ اللَّيْلَةَ فَأَذْهِبْ عَنْكَ وَعْثَاءَ السَّفَرِ، ثُمَّ ائْتِنِي مِنَ الْغَدِ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَرْصَدَ لَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ مَنْ يَقْتُلُهُ، مِنْهُمْ; عُثْمَانُ بْنُ نَهِيكٍ، وَشَبِيبُ بْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>