للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو دُلَامَةَ:

أَبَا مُسْلِمٍ مَا غَيَّرَ اللَّهُ نِعْمَةً ... عَلَى عَبْدِهِ حَتَّى يُغَيِّرَهَا الْعَبْدُ

أَبَا مُسْلِمٍ خَوَّفْتَنِي الْقَتْلَ فَانْتَحَى ... عَلَيْكَ بِمَا خَوَّفْتَنِي الْأَسَدُ الْوَرْدُ

وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ الْمَنْصُورَ تَقَدَّمَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ نَهِيكٍ وَشَبِيبِ بْنِ وَاجٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ حَرْبِ بْنِ قَيْسٍ وَآخَرَ مِنَ الْحَرَسِ أَنْ يَكُونُوا قَرِيبًا مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ، وَخَاطَبَهُ وَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى فَلْيَقْتُلُوهُ، فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى الْمَنْصُورِ قَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ السَّيْفَانِ اللَّذَانِ أَصَبْتَهُمَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ؟ فَقَالَ: هَذَا أَحَدُهُمَا. قَالَ: أَرِنِيهِ. فَنَاوَلَهُ السَّيْفَ، فَوَضَعَهُ الْمَنْصُورُ تَحْتَ رُكْبَتِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ كَتَبْتَ إِلَى أَبِي الْعَبَّاسِ - يَعْنِي السَّفَّاحَ - تَنْهَاهُ عَنِ الْمَوَاتِ، أَرَدْتَ أَنْ تُعَلِّمَنَا الدِّينَ؟! قَالَ: إِنَّنِي ظَنَنْتُ أَنْ أَخْذَهُ لَا يَحِلُّ، فَلَمَّا جَاءَنِي كِتَابُهُ عَلِمْتُ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلَ بَيْتِهِ مَعْدِنُ الْعِلْمِ. قَالَ: فَلِمَ تَقَدَّمْتَ عَلَيَّ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ؟ قَالَ: كَرِهْتُ اجْتِمَاعَنَا عَلَى الْمَاءِ، فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ، فَتَقَدَّمْتُ الْتِمَاسَ الرِّفْقِ. قَالَ: فَلِمَ لَا رَجَعْتَ إِلَيَّ حِينَ أَتَاكَ خَبَرُ مَوْتِ أَبِي الْعَبَّاسِ؟ قَالَ: كَرِهْتُ التَّضْيِيقَ عَلَى النَّاسِ، وَعَرَفْتُ أَنَّا نَجْتَمِعُ بِالْكُوفَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ مِنِّي خِلَافٌ. قَالَ: فَجَارِيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ أَرَدْتَ أَنْ تَتَّخِذَهَا لِنَفْسِكَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي خِفْتَ أَنْ تَضِيعَ فَحَمَلْتُهَا فِي قُبَّةٍ، وَوَكَّلْتُ بِهَا مَنْ يَحْفَظُهَا. ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَلَسْتَ الْكَاتِبَ إِلَيَّ تَبْدَأُ بِنَفْسِكَ، وَالْكَاتِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>