إِلَيَّ تَخْطُبُ أُمَيْنَةَ بِنْتَ عَلِيٍّ، وَتَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُ سَلِيطِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ؟ ! هَذَا كُلُّهُ وَيَدُ الْمَنْصُورِ فِي يَدِهِ يَعْرِكُهَا وَيُقَبِّلُهَا وَيَعْتَذِرُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مُرَاغَمَتِي وَدُخُولِكَ إِلَى خُرَاسَانَ؟ قَالَ: خِفْتُ أَنْ يَكُونَ دَخَلَكَ مِنِّي شَيْءٌ، فَقُلْتُ: آتِي خُرَاسَانَ، وَأَكْتُبُ إِلَيْكَ بِعُذْرِي. قَالَ: فَلِمَ قَتَلْتَ سُلَيْمَانَ بْنَ كَثِيرٍ وَكَانَ مِنْ نُقَبَائِنَا وَدُعَاتِنَا قِبَلَكَ؟ قَالَ: أَرَادَ خِلَافِي. فَقَالَ: وَيْحَكَ! وَأَنْتَ أَرَدْتَ خِلَافِي وَعَصَيْتَنِي، قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ. ثُمَّ ضَرَبَهُ بِعَمُودِ الْخَيْمَةِ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ أُولَئِكَ، فَضَرَبَهُ عُثْمَانُ فَقَطَعَ حَمَائِلَ سَيْفِهِ وَضَرَبَهُ شَبِيبٌ فَقَطَعَ رِجْلَهُ وَاعْتَوَرَهُ بَقِيَّتُهُمْ، وَالْمَنْصُورُ يَصِيحُ: وَيْحَكُمُ! اضْرِبُوا، قَطَعَ اللَّهُ أَيْدِيَكُمْ. ثُمَّ ذَبَحُوهُ وَقَطَّعُوهُ قِطَعًا قِطَعًا، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي دِجْلَةَ. وَيُرْوَى أَنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا قَتَلَ أَبَا مُسْلِمٍ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ أَبَا مُسْلِمٍ، بَايَعْتَنَا وَبَايَعْنَاكَ، وَعَاهَدْتَنَا وَعَاهَدْنَاكَ، وَوَفَّيْتَ لَنَا وَوَفَّيْنَا لَكَ، وَإِنَّا بَايَعْنَاكَ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجُ عَلَيْنَا أَحَدٌ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ إِلَّا قَتَلْنَاهُ، فَخَرَجْتَ عَلَيْنَا فَقَتَلْنَاكَ، وَحَكَمْنَا عَلَيْكَ حُكْمَكَ عَلَى نَفْسِكَ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرَانِي يَوْمَكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ الْمَنْصُورُ عِنْدَ ذَلِكَ:
زَعَمْتَ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُقْتَضَى ... فَاسْتَوْفِ بِالْكَيْلِ أَبَا مُجْرِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute