للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أيضًا عن الحسن قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الميراث للعصبة، فإن لم يكن عصبة فللمولى، ثم عصبة المولى المعتق، إن لم يكن موجودًا، الأقرب فالأقرب كنسب.

لما روى أحمد عن زياد بن أبي مريم، أن امرأة أعتقت عبدًا لها ثم توفيت، وتركت ابنًا لها وأخًا، ثم توفي مولاها من بعدها، فأتى أخو المرأة وابنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ميراثه، فقال - عليه الصلاة والسلام -، ميراثه لابن المرأة، فقال أخوها: يا رسول الله لو جر جريرة كانت علي، ويكون ميراثه لهذا، قال نعم.

ولأنه صار بين العتيق ومعتقه مضايفة، كمضايفة النسب فورثه عصبة المعتق، لأنهم يدلون به، ثم مولى المولى يقدم، ثم عصبته الأقرب فالأقرب كذلك، ثم مولى المولى كذلك وإن بعد.

ولا شيء لموالي أبيه وإن قربوا، لأنه عتيق مباشرة، فلا ولاء عليه لموالي أبيه، ثم بعد المولى وإن بعد وعصبته الرد على ذوي الفروض غير الزوجين.

لقوله - سبحانه وتعالى - {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} فإذا لم يرد الباقي على ذوي الفروض، لم تتحقق الأولوية فيه، لأنا نجعل غيرهم أولى به منهم، والفروض إنما قدرت للورثة حالة الاجتماع، لئلا يزدحموا فيأخذ الأقوى ويحرم الضعيف.

ولذلك فرض للإناث، وفرض للأب مع الولد دون عيره من الذكور، لأن الأب أضعف من الولد، وأقوى من بقية الورثة، فاختص في موضع الضعف بالفرض، وفي موضع القوة بالتعصيب، ثم إن عدم ذو فرض يرد عليه، فتعطى ذووا الأرحام، للآية المذكورة ولأن سبب الإرث القرابة، بدليل أن الوارث من ذوي الفروض والعصبات، إنما ورثوا لمشاركتهم الميت في نسبه، وهذا موجود في ذوي الأرحام فيرثون كغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>