إِنه صلى الصبح بوضوء عشاء الآخرة أربعين سنة، وحفظ عليه أنه ختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه، سبعة آلاف مرة. وكان يعاب بقلة العربية، وكانت ولادته سنة ثمانين للهجرة، وقيل ولد سنة إِحدى وستين، وكانت وفاته ببغداد، في السجن ليلي القضاء، فلم يفعل، وقيل إِنه توفي في اليوم الذي ولد فيه الشافعي، وذلك في رجب من هذه السنة، وقيل في جمادى الأولى وقبره ببغداد مشهور. وزوطا، بضم الزاي المعجمة وسكون الواو وفتح الطاء المهملة.
وفيها مات محمد بن إسحاق، صاحب المغازي فقيل كانت وفاة محمد بن إِسحاق المذكور، سنة إحدى وخمسين ومائة، وكان ثبتاً في الحديث عند أكثر العلماء، وقد ذكره البخاري في تاريخه، ولكن لم يرو عنه، وكذلك مسلم لم يخرج عنه إلا حديثاً واحداً في الرجم، وإنما لم يرو عنه البخاري لأجل طعن الإمام مالك بن أنس فيه، وكانت وفاة ابن إسحاق ببغداد، وفيها مات مقاتل بن سليمان البلخي المفسر.
ثم دخلت سنة إِحدى وخمسين ومائة فيها ولى المنصور، هشام بن عمرو الثعلبي على السند، وكان على السند، عمر بن حفص بن عثمان بن قبيصة بن أبي صفرة، فعزله وولاه إِفريقية، وكان يلقب عمر المذكور بهزار مرد أي ألف رجل وفيها بنى المنصور الرصافة، للمهدي ابنه وهي من الجانب الشرقي من بغداد، وحول إليها قطعة من جيشه، وفيها قتل معن بن زائدة الشيباني، بسجستان في بست. وكان المنصور قد استعمله على سجستان، قتله جماعة من الخوارج، هجموا عليه في بيته بغتة وهو يحتجم فقتلوه، وقام بالأمر بعده ابن أخيه يزيد بن مزبد بن زائدة الشيباني.
ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين ومائة فيها غزا حميد بن قحطبة كابل وكان أمير خراسان.
ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وسنة أربع وخمسين ومائة فيها أعني في سنة أربع وخمسين ومائة، توفي بالكوفة أبو عمرو، واسمه كنيته، ابن العلا بن عمار من ولد الحصين التميمي المازني البصري، وكانت ولادته في سنة سبعين، وقيل ثمان وستين، وهو أحد القراء السبعة، وكان أعلم الناس بالقرآن الكريم، وفيها سار المنصور إِلى الشام، وجهز جيشاً إِلى المغرب، لقتال الخوارج بها، وفيها مات أشعب الطامع، وفيها مات وهيب بن الورد المكي الزاهد.
ثم دخلت سنة خمس وخمسين ومائة: فيها عمل المنصور للكوفة والبصرة سوراً وخندقاً، وجعل ما أنفق فيه، من أموال أهلهما، ولما أراد المنصور معرفة عددهم، أمر أن يقسم فيهم خمسة الدراهم خمسة الدراهم، ثم جبى منهم أربعين أربعين فقال بعض شعرائهم:
يا لقوم ما لقينا ... من أمير المؤمنينا
قسم الخمسة فينا ... وجبانا أربعينا
ثم دخلت سنة ست وخمسين ومائة: في هذه السنة توفي حمزة بن حبيب ابن عمارة الكوفي، المعروف بالزيات، أحد القراء السبعة، وعنه أخذ الكسائي القراءة. وكان يجلب الزيت من الكوفة إِلى حلوان، ويجلب من حلوان الجبن والجوز إلى الكوفة، فقيل له الزيات لذلك.