ليجيب عنها، فمن ذلك ما كتب إليه به العباس بن المعلى الكاتب، ما يقول القاضي وفقه الله تعالى، في يهودي زنى بنصرانية فولدت ولداً جسمه للبشر ووجهه للبقر، وقد قبض عليهما، فما يرى القاضي فيهما؟ فكتب الجواب بديهاً: هذا من أعدل الشهود على اليهود، بأنهم شربوا العجل في صدورهم فخرج من أيورهم، وأرى أن يناط برأس اليهودي رأس العجل ويصلب على عنق النصرانية الساق مع الرجل، ويسحبا على الأرض وينادى عليهما، ظلماتٌ بعضها فوق بعض والسلام. والسندية: قرية على نهر عيسى، بين بغداد والأنبار، وينسب إِليها سندواني، ليحصل الفرق بين النسبة إِليها وبين النسبة إِلى بلاد السند.
ثم دخلت سنة ثمان وستين وثلاثمائة فيها فتح أبو الوفا مقدم عسكر عضد الدولة ميافارقين بالأمان، فلما سمع أبو تغلب بفتحها، سار عن آمد نحو الرحبة، ثم سار عسكر عضد الدولة مع أبي الوفاء، ففتحوا آمد واستولى عضد الدولة على جميع ديار بكر، ثم استولى على ديار مضر - بالضاد المعجمة - والرحب، ولما استولى عضد الدولة على جميع مملكة أبي تغلب، واستخلف أبا الوفاء على الموصل، وسار عضد الدولة ودخل بغداد. وأما أبو تغلب فإنه سار إِلى دمشق، وكان قد تغلب على دمشق قسام وهو شخص كان يثق إِليه أفتكين ويقدمه، فاستولى قسام على دمشق، وكان يخطب فيها للعزيز صاحب مصر، فلما وصل أبو تغلب إِلى دمشق، قاتله قسام ومنعه من دخول دمشق، فسار أبو تغلب إلى طبرية.
غير ذلك من الحوادث في هذه السنة توفي القاضي أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي النحوي مصنف شرح كتاب سيبويه، وكان فاضلا فقيهاً مهندساً منطقياً وعمره أربع وثمانْون سنة، وولي بعده أبو محمد بن معروف، الحكم بالجانب الشرقي ببغداد.
ثم دخلت سنة تسع وستين وثلاثمائة.
مقتل أبي تغلب بن ناصر الدولة بن حمدان كان أبو تغلب قد سار عن دمشق إِلى طبرية، كما ذكرناه، ثم سار إِلى الرملة في المحرم من هذه السنة، وكان بتلك الجهة دغفل بن مفرج الطائي، وقائد من قواد العزيز اسمه الفضل، ومعه عسكر قد جهزه العزيز إِلى الشام، فساروا لقتال أبي تغلب، ولم يبق مع أبي تغلب غير سبع مائة رجل من غلمانه، وغلمان أبيه، فولى أبو تغلب منهزماً، وتبعوه فأخذوه أسيراً، فقتله دغفل وبعث برأسه إِلى العزيز بمصر، وكان معه أخته جميلة بنت ناصر الدولة، وزوجته بنت عمه سيف الدولة، فحملهما بنو عقيل إلى حلب، وبها ابن سيف الدولة فترك أخته عنده، وأرسل جميلة بنت ناصر الدولة إِلى بغداد، فاعتقلت في حجرة في دار عضد الدولة.