للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفاة عمران بن شاهين صاحب البطيحة وأخباره وولاية ابنه الحسن بن عمران كان عمران بن شاهين من أهل بلدة تسمى الجامدة، فجنى جنايات وخاف من السلطان فهرب إِلى البطيحة، وأقام بين القصب والآجام، واقتصر على ما يصيده من السمك وطيور الماء، واجتمع إليه جماعة من الصيادين واللصوص، فقوي بهم، فلما استفحل أمره واشتدت شوكته، اتخذ له معاقل على التلال التي بالبطيحة، وغلب على تلك النواحي واستولى عليها في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة في أيام معز الدولة، فأرسل إِلى قتاله معز الدولة العسكر مرة ثم أخرى، فلم يظفر به، ومات معز الدولة وعسكره محاصر عمران المذكور، وتولى بختيار، فأمر العسكر بالعود إِلى بغداد، فعادوا ثم جرى بين بختيار وبين عمران عدة حروب، فلم يظفر منه بشيء، وطلبه الملوك والخلفاء، وبذلوا جهدهم بأنواع الحيل، فلم يظفروا منه بشيء ومات في مملكته في هذه السنة، في المحرم فجأة حتف أنفه، وكانت مدة ولايته من حين ابتداء أمره، قريب أربعين سنة، ولما مات تولى مكانه على البطيحة ابنه الحسن بن عمران بن شاهين، فطمع فيه عضد الدولة، وأرسل إِليه عسكراً، ثم اصطلحوا على مال يحمله الحسن بن عمران إِلى عضد الدولة في كل سنة.

غير ذلك من الحوادث في هذه السنة سار عضد الدولة إِلى بلاد أخيه فخر الدولة، لوحشة جرت بينهما، فهرب فخر الدولة، ولحق بشمس المعالي قابوس بن وشمكير، فأكرمه قابوس إِلى غاية ما يكون، وملك عضد الدولة بلاد أخيه فخر الدولة علي، وهي همدان والري وما بينهما من البلاد، ثم سار عضد الدولة إِلى بلاد حسنويه الكردي فاستولى عليها أيضاً، ولحق عضد الدولة في هذه السفرة صرع، فكتمه وصار كثير النسيان لا يذكر الشيء إِلا بعد جهد، وكتم ذلك أيضَاً، وهذا دأب الدنيا لا تصفو لأحد.

وفي هذه السنة أرسل عضد الدولة جيشاً إِلى الأكراد الهكارية، من أعمال الموصل، فأوقع بهم وحاصرهم، فسلموا قلاعهم إِليه، ونزلوا مع العسكر إِلى الموصل، وفيها تزوج الطائع لله ابنة عضد الدولة. وفيها توفي الحسين بن زكريا اللغوي صاحب كتاب المجمل في اللغة، وغيره. وفيها توفي ثابت بن إِبراهيم الحرافي المتطبب الصابي، وكان حاذقَاً في الطب.

ثم دخلت سنة سبعين وثلاثمائة فيها توفي الأحدب المزور، كان يكتب على خط كل أحد، فلا يشك المكتوب عنه أنه خطه، وكان عضد الدولة يوقع بخطه بين الملوك الذين يريد الإِيقاع بينهم، بما يقتضيه الحال في الإفساد بينهم. وفيها ورد على عضد الدولة هدية من صاحب اليمن، فيها قطعة واحدة من العنبر، وزنها ستة وخمسون رطلاً بالبغدادي.

وفيها توفي الأزهري أبو منصور محمد بن أحمد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>