وسار الدزبري إلى حماة، فعصي عليه أهلها، فكاتب مقلد بن منقذ الكفرطابي، فحضر إليه في نحو ألفي رجل من كفر طاب، واحتمى به وسار عن حماة إلى حلب فدخلها وأقام بها مدة، وتوفي الدزبري في منتصف جمادى الآخرة من هذه السنة، وقد تقدم ذكر وفاته في سنة اثنتين وأربعمائة، وكان الدزبري يلقب بأمير الجيوش، واسمه أنوشتكين. والد زبري - بكسر الدال المهملة والباء الموحدة وبينهما زاء منقوطة ساكنة وفي الاخر راء مهملة - هذه السنة إلى دزبر بن رويتم الديلمي، ولما مات الدزبري في هذه السنة فسد أمر الشام وزال النظام وطمعت العرب، وخرجوا في نواحي الشام، فخرج صاحب الرحبة أبو علوان ثمال، ولقبه معز الدولة بن صالح بن مرداس الكلابي وسار إلى حلب وملكها، وعاد حسان بن مفرج الطائي فاستولى على فلسطين، وقد تقدم ذكر مسيره إلى قسطنطينية وعوده في سنة اثنتبن وعشرين وأربعمائة.
وفيها سير الملك أبو كاليجار من فارس عسكراً إلى عمان، فملكوا أصحاب مدينة عمان. وفيها توفي أبو منصور بهرام الملقب بالعادل، وزير الملك أبي كاليجار، ومولده سنة ست وستين وثلاثمائة، وكان حسن السيرة، وبنى دار الكتب بفيروز آباد، وجعل فيها سبعة آلاف مجلد.
ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وأربعمائة فيها ملك السلطان طغريل بك خوارزم، وكانت خوارزم من جملة مملكة محمود بن سبكتكين، ثم صارت مسعود ابنه ونائبه فيها الطيطاش حاجب أبيه محمود، ومات الطيطاش فولاها مسعود ابنه هارون بن الطيطاش، ولقبه خوارزمشاه، ثم قتل هرون، قتله جماعة من غلمانه عند خروجه إلى الصيد، فاستولى على البلد رجل يقال له عبد الجبار، ثم وثب غلمان هارون على عبد الجبار فقتلوه، وولوا البلد إسماعيل بن الطيطاش أخا هارون، فسار شاه ملك بن علي، وكان ملك بعض أطراف تلك البلاد فاستولى على خوارزم، وهزم إسماعيل عنها، ثم سار طغريل بك إلى خوارزم فاستولى عليها، وانهزم شاه ملك عنها، واستقرت في ملك طغريل بك في هذه السنة، ثم سار طغريل بك ستولى على الجبل في هذه السنة أيضاً.
الوحشة بين القائم وجلال الدولة في هذه السنة لما افتتحت الجوالي في المحرم ببغداد، أخذها جلال الدولة، وكانت العادة أن تحمل إلى الخلفاء، لا يعارضهم فيها الملوك، فأرسل القائم إلى جلال الدولة في ذلك مع أبي الحسن الماوردي، فلم يلتفت جلال الدولة إليه، فعزم القائم على مفارقة بغداد، فلم يتم له ذلك.
غير ذلك من الحوادث في هذه السنة في رجب، خرج بمصر رجل اسمه سكين، وكان يشبه الحاكم خليفة مصر، فادعى أنه الحاكم، واتبعه جماعة يعتقدون رجعة الحاكم، وقصدوا دار الخليفة وقت الخلوة وقالوا: هذا الحاكم، فارتاع من كان بالباب في ذلك الوقت، ثم ارتابوا به فقبضوا على سكين،