ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. فيها أرسل السلطان طغرلبك أخاه إبراهيم ينال بن ميكائيل، فاستولى على همذان وأخذها من كرشاسف بن علاء الدولة ابن كاكويه، واستولى على الدينور وأخذها من أبي الشوك، ثم استولى على الصيمرة.
وفي هذه السنة توفي أبو الشوك، واسمه فارس بن محمد بن عنان، بقلعة السيروان، ولما توفي غدر الأكراد بابنه سعدي، وصاروا مع مهلهل بن محمد أخي أبي الشوك. وفيها قتل عيسى بن موسى الهمذاني صاحب أربل، قتله ابنا أخ له وملكا قلعة أربل، وكان لعيسى أخ آخر اسمه سلار بن موسى قد نزل على قرواش صاحب الموصل لوحشة كانت بين سلار وأخيه عيسى، فلما بلغه قتل أخيه سار قرواش إلى أربل ومعه سلار فملكها وتسلمها سلار، وعاد قرواش إلى الموصل.
وفيها وقع الوباء في الخيل وعم البلاد. وفيها توفي أحمد بن يوسف المنازي وزر لأبي نصر أحمد بن مروان الكردي، صاحب ديار بكر، وترسل إلى القسطنطينية، وكان من أعيان الفضلاء والشعراء، وجمع المنازي المذكور، كتباً كثيرة وأوقفها على جامع ميافارقين وجامع آمد، وهي إلى قريب كانت موجودة بخزائن الجامعين، وكان قد اجتاز في بعض أسفاره بوادي بزاعا، فأعجبه حسنه فقال فيه:
تروع حصاه حالية العذارى ... فيلمس جانب العقد النظيم
والمنازي منسوب إلى مناز جهر، مدينة عند خرتبرت، وهي غير مناز كرد التي من عمال خلاط.
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة فيها ملك مهلهل بن محمد عنان أخو أبي الشوك قرميسين والدينور بعد ما كان قد استولى عليهما أخو طغرلبك على ما تقدم ذكره. وفي هذه السنة توفي عبد الله بن يوسف الجويني والد إمام الحرمين، وكان الجويني إماماً في الشافعية، تفقه على أبي الطيب سهل بن محمد الصعلوكي، وهو صاحب وجه في المذهب، وكان عالماً أيضاً بالأدب وغيره من العلوم، وهو من بني ستبس، بطن من طي.
ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وأربعمائة في هذه السنة استولى عسكر الملك أبي كاليجار على البطيحة، وأخذوها من صاحبها أبي نصر بن الهيثم، وهرب ابن الهيثم إلى زبرب. وفيها كان بالعراق غلاء عظيم، حتى أكل الناس الميتة، وببغداد حتى خلت الأسواق. وفيها توفي عبد الواحد بن محمد المعروف بالمطرز الشاعر، وأبو الخطاب الشبلي الشاعر. وفيها مات بغراخان محمد بن قدرخان يوسف، وقبض على أخيه عمر بن قدرخان يوسف، وماتا جميعاً مسمومين في هذه السنة، وكان قد ملك عمر المذكور في سنة ثلاث