للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل من حسن إسلامه، وحرضهم عبد الله بن ياسين على الجهاد، وسماهم المرابطين، فقتلوا من أهل البغي والفساد ومن لم يجب إلى شرائع الإسلام نحو ألفي رجل، فدانت لهم قبائل الصحراء، وقويت شوكتهم، وتفقه منهم جماعة على عبد الله بن ياسين.

ولما استبد أبو بكر بن عمر وعبد الله بن ياسين بالأمر، داخل جوهر الحسد، فأخذ في إفساد الأمر، فعقد له مجلس وحكم عليه بالقتل لكونه شق العصا، وأراد محاربة أهل الحق، فصلى جوهر ركعتين، وأظهر السرور بالقتل طلباً للقاء الله تعالى، وقتلوه، ثم جرى بين المرابطين وبين أهل السوس قتال، فقتل في تلك الحرب عبد الله بن ياسين الفقيه، ثم سار المرابطون إلى سجلماسة واقتتلوا مع أهلها، فانتصر المرابطون واستولوا على سجلماسة وقتلوا أصحابها، ولما ملك أبو بكر بن عمر سجلماسة استعمل عليها يوسف بن تاشفين اللمتوني، وهو من بني عم أبي بكر بن عمر، وذلك في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.

ثم استخلف أبو بكر على سجلماسة ابن أخيه وبعث يوسف بن تاشفين ومعه جيش من المرابطين إلى السوس، ففتح على يديه، كان يوسف بن تاشفين رجلا ديناً حازماً مجرباً داهية، واستمر الأمر كذلك إلى أن توفي أبو بكر بن عمر في سنة اثنتين وستين وأربعمائة، فاجتمعت طوائف المرابطين على يوسف بن تاشفين وملكوه عليهم ولقبوه بأمير المسلمين، ثم سار إلى المغرب وافتتحها حصناً حصناً، وكان غالبها لزناتة، ثم إن يوسف قصد موضع مراكش، وهو قاع صفصف لا عمارة فيه فبنى فيه مدينة مراكش، واتخذها مقراً ملكه، وملك البلاد المتصلة بالمجماز مثل سبتة وطنجة وسلا وغيرها، وكثرت عساكره، ويقال للمرابطين الملثمين أيضاً، قيل إنهم كانوا يتلثمون على عادة العرب، فلما ملكوا ضيقوا لثامهم، كأنه ليتميزوا به، وقيل بل إن قبيلة لمتونة خرجوا غائرين على عدو لهم، وألبسوا نساءهم لبس الرجال ولثموهن، فقصد بعض أعدائهم بيوتهم، فرأوا النساء ملثمين فظنوهن رجالا، فلم يقدموا عليهن، واتفق وصول رجالهم في ذلك التاريخ فأوقعوا بهم، فتبركوا باللثام وجعلوه سنة من ذلك التاريخ، فقيل لهم الملثمون.

مسير طغرلبك عن بغداد لما أقام طغرلبك ببغداد، ثقلت وطأة عسكره على الرعية إلى الغاية، فرحل طغرلبك عن بغداد عاشر ذي القعدة من هذه السنة، أعني سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وكان مقامه ببغداد ثلاثة عشر شهراً وأياماً، لم يلق الخليفة فيها، وتوجه طغرلبك إلى نصيبين، ثم سار منها إلى ديار بكر التي هي لابن مروان.

غير ذلك من الحوادث وفي هذه السنة توفي أمير الكاتب البيهقي، كان من رجال الدنيا.

ثم دخلت سنة تسع وأربعين وأربعمائة

<<  <  ج: ص:  >  >>