وهو الذي بنى الجسر الذي هو بظاهر حماة خارج باب حمص، واستقر له بعد وفاة والده من البلاد: حماة والمعرة وسلمية ومنبج وقلعة نجم، ولما فتح بارين وكانت بيد إبراهيم بن المقدم، ألزمه عمه السلطان الملك العادل أن يردها عليه، فأجاب إلى تسليم منبج وقلعة نجم عوضاً عنها، وهما خير من بارين بكثير، واختار ذلك لقرب بارين من بلده، وجرت له حروب مع الفرنج، وانتصر فيها، وكان ينظم الشعر.
ذكر استيلاء الملك الناصر ابن الملك المنصور على حماة ولما توفي الملك المنصور، كان ولده الملك المظفر المعهود إليه بالسلطنة، عند خاله الملك الكامل لديار مصر، في مقابلة الفرنج، وكان ولده الآخر الملك الناصر صلاح الدين قليج أرسلان، عند خاله الآخر الملك المعظم صاحب في دمشق، وهو في الساحل في الجهاد، وقد فتح قيسارية وهدمها، وسار إلى عثليث ونازلها، وكان الوزير بحماة زين الدينا بن فريج، فاتفق هو والكبراء على استدعاء الملك الناصر، لعلمهم بلين عريكته، وشدة بأس الملك المظفر، فأرسلوا إلى الملك الناصر وهو مع الملك المعظم كما ذكرنا، فمنعه الملك المعظم من التوجه إلا بتقرير مال عليه، يحمله إلى الملك المعظم في كل سنة، قيل أن مبلغه أربعمائة ألف درهم، فلما جاب الملك الناصر إلى ذلك، وحلف عليه، أطلقه الملك المعظم، فقدم الملك الناصر إلى حماة واجتمع بالوزير زين الدين بن فريج، والجماعة الذين كاتبوه، فاستحلفوه على ما أرادوا وأصعدوه إلى القلعة، ثم ركب من القلعة بالسناجق السلطانية، وكان عمره إذ ذاك سبع عشرة سنة، لأن مولده سنة ستمائة.
ولما استقر الملك الناصر في ملك حماة، وبلغ أخاه الملك المظفر ذلك، استأذن الملك الكامل في المضي إلى حماة، ظناً منه أنه إذا وصل إليها يسلمونها إليه بحكم الأيمان التي كانت له في أعناقهم، فأعطاه الملك الكامل الدستور، وسار الملك المظفر حتى وصل إلى الغور، فوجد خاله الملك المعظم صاحب دمشق هناك، فأخبره أن أخاه الملك الناصر قد ملك حماة، ويخشى عليه أنه إن وصل إليه يعتقله، فسار الملك المظفر إلى دمشق وأقام بداره المعروفة بالزنجيلي، وكتب الملك المعظم والملك المظفر إلى أكابر حماة في تسليمها إلى الملك المظفر، فلم يحصل منهم إجابة، فعاد الملك المظفر إلى مصر وأقام في خدمة الملك الكامل، وأقطعه إقطاعاً بمصر إلى أن كان ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر استيلاء الملك المظفر شهاب الدين غازي ابن الملك العادل على خلاط وميافارقين كان قد استقر بيد الملك المظفر المذكور، الرها وسروج، وكانت ميافارقين وخلاط بيد