للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا أيها الملك المظفر دعوتي ... ستوري بها زندي ويشتد ساعدي

هضيئاً لك الملك الذي بقدومه ... ترحل عنا كل هم معاود

وفيها لما تفرقت العساكر الكاملية، قصد كيقباذ كيخسرو صاحب بلاد الروم حران والرها، وحاصرهما، واستولى عليهما، وكانا للسلطان الملك الكامل.

وفيها توفي بالقاهرة القاسم بن عمر بن علي الحموي، المصري الدار، المعروف بابن الفارض، وله أشعار جيدة، منها قصيدته التي عملها على طريقة الفقراء، وهي مقدار ستمائة بيت. ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وستمائة في هذه السنة سار الناصر داود من الكرك إلى بغداد، ملتجئاً إلى الخليفة المستنصر، لما حصل عنده من الخوف من عمه الملك الكامل، وقدم إلى الخليفة تحفاً عظيمة، وجواهر نفيسة، فأكرمه الخليفة المستنصر وخلع عليه، وعلى أصحابه، وكان الناصر داود يظن أن الخليفة يستحضره في ملأ من الناس كما استحضر مظفر الدين صاحب إربل، فلم يحصل له ذلك، وألح في طلب ذلك من الخليفة فلم يجبه، فعمل الناصر المذكور قصيدة يمدح المستنصر فيها ويعرض بصاحب إربل واستحضاره، ويطلب الأسوة به وهي قصيدة طويلة منها:

فأنت الإمام العدل والمفرق الذي ... به شرفت أنسابه ومناصبه

جمعت شتيت المجد بعد افتراقه ... وفرقت جمع المال فانهال كاتبه

ألا يا أمير المؤمنين ومن غدت ... على كاهل الجوزاء تعلو مراتبه

أيحسن في شرع المعالي ودينها ... وأنت الذي تعزى إليك مذاهبه

بأني أخوض الدو والدو مقفر ... سآريبه مغبرة وسباسبه

وقد رصد الأعداء لي كل مرصد ... فكلهم نحوي تدب عقاربه

منها:

وتسمح لي بالمال والجاه بغبتي ... وما الجاه إلا بعض ما أنت واهبه

ويأتيك غيري من بلاد قريبة ... له الأمن فيها صاحب لا يجانبه

فيلقى دنواً منك لم ألق مثله ... ويحص وما أحظى بما أنا طالبه

وينظر من لألآء قدسك نظرة ... فيرجع والنور الإمامي صاحبه

ولو كان يعلوني بنفس ورتبة ... وصدق ولاء لست فيه أصاقبه

لكنت أسلي النفس عما أرومه ... وكنت أذود العين عما يراقبه

ولكنه مثلي ولو قلت أنني ... أزيد عليه لم يعب ذاك عايبه

وما أنا ممن يملأ المال عينه ... ولا بسوى التقريب تقضى مآربه

وكان الخليفة متوقفاً على استحضار الناصر داود، رعاية لخاطر الملك الكامل، فجمع بين

<<  <  ج: ص:  >  >>