"مجهول"، وهذا ينافي من جهة أخرى قول ابن حبان المتقدم:"العدل من لم يعرف فيه الجرح ... " إلخ، فمن ليس فيه جرح؛ فهو عنده عدل، ولذلك انتقده الحافظ - كما سبق -، فكيف يدخل في شروطه التي ينبغي أن يكون إسناد الثقة عنده سالمًا منها من كان عنده ثقة عدلًا؟! والصواب أن يذكر مكانه:"ضعيف" - كما تقدم في نص ابن حبان - نفسه -.
ثم إن قول الحافظ:"ولم يأت بحديث منكر" ينبغي أن يُحمل على أحد رواة إسناد الثقة عنده، وليس كما فهمه بعض الجهلة المدعين المعرفة بهذا العلم؛ حيث قال:
"يَشترط ابن حبان في الراوي الذي يكون ثقة - حسب تعريفه - أن لا يأتي بخبر منكر؛ لكي يدخله في (الثقات) "(١)!!
وعزا ذلك في الحاشية لكتاب "فتح المغيث"، و"تدريب الراوي" بالجزء والصفحة، وهو كذب عليهما! وهو مما يؤكد جهله وقلة علمه؛ فإنه ليس من شرط الثقة أن لا يروي حديثًا منكرًا؛ لأن معنى ذلك أن يكون معصومًا من الخطإ، وهل يقول هذا عاقل يفهم ما يلفظه لسانه، أو يجري قلمه؟! وإنما يكون شرطًا فيه أن لا تكثر المناكير في رواياته، ولذلك فرقوا بين من قيل فيه:"يروي المناكير"، وبين من قيل فيه:"منكر الحديث"، فهذا ضعيف بخلاف الأول، وقد سبق (ص ١١) في كلام ابن حبان ما يشهد لهذا التفريق، وهو أمر معروف في علم المصطلح.
ومعذرة إلى القراء الكرام؛ فقد ابتعدت قليلًا عن موضوع البحث بسبب
(١) انظر "إقامة البرهان على ضعف حديث: (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان) " للمدعو خالد أحمد المؤذن؛ وفيه أوهام وجهالات؛ لو تفرغ له عالم ناقد؛ لَكان منه مجلد، وما ذكرت الآن كافٍ - إن شاء الله تعالى -.