فكنت أود أن ينقله الحافظ مع ما نقل؛ لأنه أعم وأشمل في بيان منهج ابن حبان في "ثقاته" أولًا، ثم هو يبين خطأ ما نقله عن ابن عبد الهادي ثانيًا؛ إذ ليس فيه: "راويه من أن يكون مجروحًا" - كما تقدم -؛ لأن الخصال الخمس هي عنده في غيره كما هو ظاهر؛ لأنه عنده ثقة يحتج بخبره إذا سلم إسناده من خصلة من تلك الخصال الخمس، وما يقع مثل هذا الخطإ إلَاّ من التلخيص، وسرعة النقل! ومن الغرائب أن الحافظ السخاوي قد نقله عن شيخه الحافظ ابن حجر، لكن بعبارة أخرى في صدد بيان اصطلاح ابن حبان في "صحيحه"؛ نصها في "فتح المغيث" (١/ ٣٧):
"فإنه يخرّج في "الصحيح" ما كان راويه ثقة، غير مدلس، ولم يكن هناك إرسال، ولا انقطاع، ولم يكن في الراوي جرح ولا تعديل (!)، وكان كل من شيخه، والراوي عنه ثقة، ولم يأت بحديث منكر، فهو عنده ثقة".
قلت: فهذا خلط آخر ينسب إلى ابن حبان، وهو منه بريء، يدلك عليه أن أول المنسوب إليه هنا إنما هو في شروط الحديث الصحيح، وآخره فيمن هو الثقة عنده!
والأول هو الذي يدلُّ عليه كلامه الذي نقلته عنه آنفًا؛ أن الشروط المذكورة إنما هي في حديث الثقة عنده، وليس فيمن هو الثقة؟ فتأمل!
والظاهر أن الحافظ السيوطي تنبه لهذا الخطإ، فنقل ما عزاه السخاوي لابن حجر، لكن السيوطي لم يسمه؛ بل أشار إلى تمريضه بقوله في "تدريب الراوي" (١/ ١٠٨): "قيل ... "!
على أن قول الحافظ: "ولم يكن في الراوي جرح ولا تعديل" لا يستقيم مع كلام ابن حبان أولًا؛ لأنه غير مذكور في شروطه كما رأيت، وهذا مثل لو قال: