للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعضه آنفًا، غير تشدده في تضعيف بعض الثقات كما هو مذكور في كتب التراجم، وبخاصة منها "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" للحافظ الذهبي (١)، وقد ذكره فيهم العلامة أبو الحسنات اللكنوي الحنفي في "الرفع والتكميل" (ص ١١٩ - ١٢٠)، ثم قال (١٣٧ - ١٣٩) ما ملخصه:

"كثيرًا ما تراهم يعتمدون على "ثقات ابن حبان"، وقد التزم الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" في جميع الرواة الذين لهم ذكر في "ثقاته" بذكر أنه ذكره ابن حبان في "الثقات" ... ، وقد نسب بعضهم التساهل إلى ابن حبان، وقالوا: هو واسع الخَطْو في باب التوثيق، يوثق كثيرًا ممن يستحق الجرح، وهو قول ضعيف؛ فإنك قد عرفت سابقًا أن ابن حبان معدود ممن له تعنت وإسراف في جرح الرجال، ومن هذا حاله؛ لا يمكن أن يكون متساهلًا في تعديل الرجال"!

فأقول:

هذا الجزم بعدم الإمكان من عجائبه وغُلَوائه؛ إذ هو ممّا لا دليل عليه إلَاّ حسن ظنه به! وهذا لا ينفي بداهة أن يقع منه ما هو مستبعد أن يقع من أي حافظ من أمثاله؛ بل هو كما لو قال قائل في بعض الصالحين: لا يمكن أن يكذب أو يزني! نعم؛ استبعاد صدور ذلك وارد في المثال، وفيما نحن في صدده، لكن البحث والتحري مع الدقة والإنصاف؛ كل ذلك كشف عن أنه أمر واقع؛ ما له من دافع، كما سبق بيانه بتفصيل قد لا تراه في مكان آخر.

ولا أدلَّ على ذلك من اشتراطه في الثقة الحافظ أن يكون فقيهًا؛ وإلا لم يجز الاحتجاج بخبره! كما تقدم نقله عنه مع بيان بطلانه (ص ١٧ - ١٨)، فأي تعنت أشد من هذا؟! ولذلك لما نقل الحافظ ابن رجب الحنبلي كلامه بتمامه


(١) من ذلك قوله (١/ ٢٧٤): "قلت: ابن حبان ربَّما قَصَّبَ الثقة؛ حتى كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه"!

<<  <  ج: ص:  >  >>