وطوله؛ تعقبه وردَّه عليه بقوله في "شرح الترمذي"(ق ١٢٢/ ٢):
"وفيما ذكره نظر، وما أظنه سُبق إليه، ولو فتح هذا الباب؛ لم يحتج بحديث انفرد به عامة حفاظ الحديث كالأعمش - وغيره -، ولا قائل به، فأما مجرد هذا الظن فيمن ظهر حفظه وإتقانه؛ فلا يكفي في رد حديثه، والله أعلم".
فكما وقع منه هذا التعنت الغريب؛ وقع منه ذاك التساهل العجيب.
وأما ما ذكره أبو الحسنات في مطلع كلامه السابق من اعتمادهم على "ثقات ابن حبان"، والتزام ابن حجر بذكر من وثقه في "تهذيبه"؛ فمما لا يفيد شيئًا ولا يجدي!
أما الاعتماد على هذا الإطلاق؛ فلأنه باطل - لما سبق -.
وأما الالتزام؛ فلأنه كتاب يجمع كل ما قيل في رجاله من تجريح وتوثيق، دون أي ترجيح أو تحقيق إلَاّ ما ندر، فهو كالتزامه أن يذكر فيه من جرحه ابن حبان أيضًا، وقد يذكر أحيانًا تناقضه في بعضهم، فهل يعني ذلك اعتماده على توثيقه أو تجريحه؟! كيف والحافظ قد صرح في "تقريب التهذيب" بجهالة كثير ممن وثقهم ابن حبان، وتارة يقول:"مستور"، وتارة:"مقبول"، وتارة:"صدوق"، وأخرى:"ثقة"؟! أصاب في بعض ذلك، وأخطأ في بعض، وتفصيل القول فيه يحتاج إلى إعداد خاص، وهو غير متيسر الآن، وكثير منه مبثوث في تعليقاتي وكتبي، وبخاصة منها "تيسير الانتفاع" أخيرًا، وهناك تجربة في "ثقات ابن حبان" وموقف الحفاظ منه، كنت أجريتها مع طلاب الجامعة الإسلامية في درس غير معهود في سائر الجامعات، إلَاّ وهو (درس الأسانيد)، وذلك سنة (١٣٨٢)، كنت ذكرتها في تعليق لي على كتاب "التنكيل"، يحسن الاطلاع عليه منه (١/ ٤٣٨)، فمن شاء رجع إليه.