في نسبته إلى التساهل ... لأن ابن حبان - مع تساهله المقطوع به عند الحافظ وغيره - لم يُوَفِّ بشرطه المتساهل؛ لأنه لم يقف عنده إخراجه لغير المعدلين فقط! بل أخرج للضعفاء والمجهولين عنده، والذين قال فيهم:"يخطئ كثيرًا"، وغيرهم كما تقدم تحقيقه بضرب الأمثلة التي لا تقبل المناقشة.
والخلاصة: أن ما نقله الشيخ أحمد عن الحافظ يدل أن الشيخ أراد بجملة الوفاء بالشروط شروطه في "الثقات".
هذا هو الأمر الأول الذي يؤيد ذلك.
والأمر الآخر أن من شروطه في "صحيحه" الشرط الثالث:
"العقل بما يحدّث من الحديث".
والشرط الرابع:"العلم بما يحيل من معاني ما يروي".
فقد أثبتنا فيا تقدم (ص ٢٧) بطلان هذين الشرطين، ومخالفتهما لعموم نصوص الشريعة الآمرة بالتبليغ، فلا داعي للتكرار.
وذكرنا هناك ما يلزم من هذين الشرطين من سد باب الاحتجاج بأحاديث الثقات من كلام الحافظ ابن رجب الحنبلي، فراجعه إن شئت (ص ٢٩)، ولهذا لم يأت لهما ذكر مطلقًا في كتب علم (المصطلح) متونًا وشروحًا!
ومن الغرائب أن الحافظ أشار في "النكت" إلى شرط ابن حبان كونه عالمًا بما يحيل المعنى (١/ ٢٩٠)، ومر عليه دون أن يعلق عليه بكلمة تشعر على الأقل ببطلانه وخطورته!
إذا عرفت هذا؛ فإن مجرد تصور هذين الشرطين يغني العاقل المنصف أن يخطر في باله أن الشيخ أحمد شاكر أرادهما بكلامه المتقدم، وأن ابن حبان وفّى بهما، وذلك لتعسر تحقيقهما، إن لم أقل: لتعذر ذلك واستحالته، كيف وابن